نوازعه العقلية والوجدانية المتطلقة باستمرار إلى المثاليات، وأن عنصر التطبيقات الواقعية الملائمة للواقع الإنساني يعالج ارتقاء الإنسان إلى الكمال ضمن إمكاناته واستطاعته الواقعية، أما عناصر الوسائل المنسجمة مع الخصائص الإنسانية فهو يداوي ويداري غرائز الإنسان ودوافعه النفسية وشهواته وأهواءه التي هي جزء من كيانه في الحياة، فلا يصح بحال من الأحوال طرحها أو إهمالها.

إن هذه الفلسفة العظيمة في دعوتها المثالية تحرر الإنسان من عشق المادة وعبادتها، وتربطها بمثالية عبادة الله وحده لا شريك له، وفي هذا غاية الدفع المثالي، لأن نقل غاية الأعمال الإنسانية من أهدافها المادية، إلى ابتغاء مرضاة الله الخالق الرازق الذي بيده ملكوت السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير، وله وحده الألوهية، وهو وحده الذي يجازئ على الخير خيراً وعلى الشر شراً، هو غاية المثالية، فالله تعالى هو مثالية الوجود، وهو واضع مفاهيم الخير والشر في الحياة، وخالق موازين الإحساس بها في ضمائر الناس، فابتغاء مرضاته لا بد أن تكون هي مثالية الغايات.

وأما في تطبيقاتها الواقعية، فإنها حينما تكلف الإنسان السعي إلى كماله الإنساني لا تتجاوز حدود طاقاته الجسدية أو الفكرية، كما أنها تعطي غرائزه وشهواته ومطالبه النفسية من الدنيا بالمقدار الذي يصلح ولا يفسد، وفي هذا غاية التكميل والتهذيب الواقعي، الذي يشرئبّ إلى المثاليات في جانب الفكر والضمير، ويسير مع أحسن صور الواقع في جانب ال غرائز والدوافع الجسدية والنفسية.

وأما في وسائلها المنسجمة مع الخصائص الإنسانية، فإنها قائمة بعد الإقناع الفكري والوجداني على وسيلتي الترغيب والترهيب، فهي تطمئنه عن سلامة اتجاهه لاكتساب سعادته في الحياة الدنيا، إذا هو تقيد بتعاليم الإسلام، وتَعِدُه وعد حق وصدق بالسعادة الأخروية العظمى الشاملة للسعادة الروحية المثالية، والسعادة الجسدية والنفسية التي هي وسيلة مادية للنعيم الروحي وتحجزه أيضاً عن المضرات والمهلكات الدنيوية بالوسائل الدنيوية الرادعة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015