عقيدةً وعملاً، ودعوة إلى الله وجهاداً في سبيله، فهم يحققون في أنفسهم كل أسباب النصر التي أمر الله بها، في عباداتهم، وفي معاملاتهم، وفي نظم حياتهم، وفي أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وفي جهادهم في سبيل نشر دين الله، والدفاع عن الإسلام وجماعة المسلمين.

إنه ليس بين الله وبين أحدٍ من عباده نسب ولا قرابة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فليس أحد بأكرم عند الله من أحد من هذه الناحية، الناس كلهم عباده مخلوقون بقدرته، ولكن لله أوامر ونواهي وسنناً، وعلى مقدار نصيب العبد من التقوى يكون نصيبه من إكرام الله وتأييده، وما النصر إلا من عند الله يؤتيه من يشاء وفق حكمته، وحكمته قضت بنصر المؤمنين "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين"، ومهما ابتعد الخصمان عن طاعة الله وتأييد دينه وكَلَهما الله لأسبابهما الدنيوية، وأغرى بينهما العداوة والبغضاء.

- تجربة حروب أقنعت الصليبيين بضرورة التحوّل إلى مخطّط آخر

كانت خطة مدبري الحروب الصليبية القيام بحرب مادية مسلحة بالأسلحة العسكرية، لغزو بلاد المسلمين، واستلاب أموالهم، وهدم حضارتهم، وتحويلهم عن دينهم الذي هو مصدر قوتهم ووحدتهم، ومنبع حضارتهم وتقدّمهم في شتّى المجالات الإنسانية.

كانت هذه خطة الصليبيين، يوم كانت عقول المسلمين وأفكارهم ونفوسهم لا تسمح لعوامل التنصير أن تؤثر فيها، يوم كانت العواصم الإسلامية في العالم تعيش في خيرات مجدٍ خلَّفَهُ المدّ الإسلامي في العلم والحضارة والتقدّم، في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية المادّية والنظرية، بالإضافة إلى ألوان المعارف الروحية الدينية، والكمالات الأخلاقية، والنظم التشريعية الشاملة كل شؤون السلوك الإنساني الفردية والاجتماعية، والكفيلة بضمان الحق والعدل والسعادة.

بينما كانت عواصم العالم الآخر غارقة في أوحال الجهالة والتخلف، والبعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015