الدليل الخامس: أن في الأسانيد التي ضرب مسلم بها المثل، ولا يعلم سماع بعض رواتها من بعض، ويصححها مسلم، ويضعفها خصمه= أسانيد صححها البخاري

الدليل الخامس:

أن مسلمًا لما أراد أن يبيّنَ لخصمه أنه مخالفٌ للإجماع، استدلّ (فيما استدلّ) بأسانيد لم يذكر فيها بعضُ رواتها ما يدلّ على سماعهم ممّن رووا عنهم، ولا في شيءٍ من مروياتهم عنهم، مع ذلك لم يتردّد أحدٌ في أن يحكم على تلك الأسانيد بالاتّصال والصحّة، كما يقول مسلم. إلا ذلك الخصمُ المخالِفُ لمسلم، فإنه طعن في تلك الأسانيد بعدم الاتصال، بناءً على شرطه في قبول الحديث المعنعن.

يقول الإمام مسلم: ((فمن ذلك أن عبد الله بن يزيد الأنصاري، وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد روى عن حذيفة وعن أبي مسعود الأنصاري، وعن كل واحدٍ منهما حديثًا يُسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وليس في روايته عنهما ذِكْرُ السماع منهما، ولا حفظنا في شيء من الروايات أن عبد الله بن يزيد شافه حذيفة وأبا مسعود بحديث قط، ولا وجدنا ذكر رؤيته إيّاهما في رواية بعينها.

ولم نسمع عن أحدٍ من أهل العلم ممن مضى، ولا ممن أدركنا، أنه طعن في هذيه الخبرين، اللذين رواهما عبد الله بن يزيد عن حذيفة وأبي مسعود بضعفٍ فيهما، بل هما وما أشبههما عند من لاقَيْنا من أهل العلم بالحديث من صحاح الأسانيد وقويِّها، يرون استعمال ما نُقل بها، والاحتجاجَ بما أتت من سننٍ وآثار.

وهي في زعم من حكينا قوله من قبلُ واهيةٌ مهملةٌ، حتى يُصيبَ سماعَ الراوي عمن روى)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015