لقد تعرّضوا مثلاً في كتب المصطلح (مثل كتاب الحاكم والخطيب) لدقائق الأمور ولطائف المسائل (كرواية الأقران والمدبّج والعالي والنازل ورواية الأكابر عن الأصاغر) ، فلمَ تركوا هذه الحرب المشتعلة في مقدّمة صحيح مسلم، فلم يشاركوا فيها ولا بحذف حصاة (أي: ولا بحرفٍ واحد) ؟!!
ألا يدل ذلك على أنّ الأمر محطّ إجماع فعلاً، وأنّه لا خلاف بين أهل العلم فيه حقًّا، وأن مسلمًا لا معارضَ له فيما قال، وأنه لم يَجُرْ ولم يظلم صاحبَ تلك المقالة في وصفه له بأنه جاهل خامل لا قيمة له ولا لرأيه.
ثم قابِلْ بين ذلك الصمت قبل القاضي عياض، وماذا حدث بعد القاضي عياض، لمّا أُخِذَ قوله مُسلَّمًا في نسبته ذلك الشرط إلى البخاري:
- كيف صار الخلاف في هذه المسألة من أشهر مسائل الخلاف في علم الحديث؟!
- وكيف صار هذا الفارق من أعظم الفروق بين البخاري ومسلم حتى في كتاب مختصرٍ جدًّا مثل (نزهة النظر) لابن حجر؟!!
- وكم أخذت هذه المسألة مساحاتٍ واسعةً في كتب المصطلح؟!
- وكم استنزفت من جهود العلماء، حتى أفردوها بالتصنيف؟!
فهل تريد مني أن أصدّق أن هذا لم يحصل قبل القاضي عياض، ولمدّة ثلاثة قرون= مصادفة؟!!! أم ماذا؟!!!