الشرط (في ظنّهم) ، إما لأجل ترجيح مذهب البخاري (كما نسبوه إليه) على مذهب مسلم (مثلما فعل ابن رُشيد وابن رجب) ، وإمّا لأجل الردّ على من ادّعى أنه شرطُ كمال للبخاري في صحيحه وليس شرطًا له في أصل الصحّة (مثلما فعل الحافظ ابن حجر في نكته) .
وهؤلاء العلماء يأتي في مقدّمتهم: ابن رُشيد، وابن رجب، وابن حجر. وأيّدهم صاحبُ الرسالة المختصّة بهذه المسألة: خالد الدريس.
ونستخلص من هذه القاعدة فوائد:
الأولى: أن قسمًا من العلماء ليس لهم في إثبات نسبة هذا الشرط إلى البخاري ثقلٌ كبير، لأنّه لا جُهْدَ لهم فيها غير محض التقليد للقاضي عياض! فلا يُستغرب من كثرة المخطئين بعد ذلك في هذه المسألة، لأنّ بعض هذه الكثرة خرج عن سَنَنِه المعتاد في عدم قبول القول إلا بعد الاجتهاد والنظر في الدليل.
الثانية: أنّ العلماء الذين استدلّوا لم يكن استدلالُهم لأجْلِ التحقُّقِ من صحّة نسبة ذلك الشرط إلى البخاري، إنما كان استدلالهم (في الغالب) لترجيح المذهب الذي نسبوه إلى البخاري على مذهب مسلم. وهذه نقطةُ ضَعْفٍ كبرى في منهج الاستدلال في هذه المسألة، هي التي أدّت إلى كل ذلك الخطأ الكبير العميق فيها. بل وهذه النقطة تجعلني أدخل غمار هذه المسألة وحدي، لا خَصْم لديَّ أناظره، لأن مُخَالِفِيَّ في هذه المسألة كانوا يستدلون على غير محلّ النزاع.
الثالثة: أنّ العلماء الذين استدلّوا لم يلجؤوا إلى (صحيح البخاري) لانتزاع الأدلّة منه، وإنما ذهبوا إلى كتب البخاري الأخرى كـ (التاريخ