والقاضي عياض لمّا نسب هذا الشرط إلى البخاري لم يذكر دليلاً على ذلك، ولا شِبْهَ دليل، ولا أشار إلى شيءٍ من ذلك. بل كانت نسبته له نسبةً مختصرةً، لا دليل ولا تعليل ولا تطويل.
حيث قال في شرحه لمقدّمة مسلم وما تضمّنته من الكلام عن الحديث المعنعن: ((والقول الذي ردّه مسلم هو الذي عليه أئمةُ هذا العلم: علي ابن المديني، والبخاري، وغيرهما)) (?) .
فانقسم العلماء بعده قسمين:
- قِسْمٌ قلّدوه تقليدًا محضًا في إثبات ذلك الشرط، ولم يبحثوا عن دليله أصلا، لكنّهم صُدِموا بأن صحيح مسلم يخالفه في هذا الشرط، فقادتهم جلالةُ مسلم ومكانة صحيحه إلى أن يدّعوا أن شرط العلم باللقاء شَرْطُ كمال. ونَسُوا أن قولهم هذا لا دليل عليه أيضًا! بل الدليل ينقضه!! ولم يتذكّروا أن مسلمًا إنما ردّ في مقدّمته على من اعتبر ذلك الشرط شَرْطَ صِحّة لا شَرْط كمال، بل إن دليل نسبة ذلك الشَرْط إلى البخاري مأخوذٌ من خارج صحيحه (كما يأتي) لا من صحيحه، فأنَّى يكون ذلك الشرط شرطًا للبخاري في الصحيح دون خارجه؟! !
ومن هؤلاء العلماء: ابن كثير، والبلقيني، وتبعهم أبو غُدّة، والألباني (?) .
- والقسم الآخر من العلماء: قلَّدوا القاضيَ عياضًا تقليدًا محضًا في أنّ البخاري يشترط ذلك الشرط، فنسبة ذلك الشرط إلى البخاري عندهم مستغنيةٌ عن الدليل! ! لكنّهم بحثوا عن نماذج تطبيقيّة لهذا