مع السلامة من التدليس، بما تضمّنه كلام الحاكم من نَقْلِ الإجماع عليه (?) ، دون أن يخالفه في شيءٍ، بل نقله نَقْل المحتجِّ به المعتمدِ عليه.

ففي هذا الموطن يصرّح أبو المظفّر أنه يقبل الحديث المعنعن دون قيد أو شرط، إلا من شرط أن لا يكون الراوي مدلّسًا.

فإن قيل: لكنه أيضًا لم يشترط المعاصرة؟ قلت: لكن اشتراط المعاصرة أمرٌ بَدَهيّ، إذ كيف يتحقق الاتصال مع عدم المعاصرة؟ ‍! ثم ما معنى اشتراط سلامة الراوي من وصمة التدليس إذا لم يَكن هناك معاصرةٌ أصلاً؟ ‍‍!! وعليه: فإن اشتراط المعاصرة في مثل هذا السياق لا حاجةَ إليها، كما أن اشتراطَ أن لا يكونَ الراوي قد صَرّح بعدم اللقاء غير محتاج إليه فيه.

فإن قيل: فأيُّ القولين المعبِّرُ عن مذهب أبي المظفّر السمعاني؟

فأقول: هذا السؤال بُني على محاولة الترجيح، فإن أردنا الترجيح، فلا شك أن كلام أبي المظفر في اشتراط طول الصحبة كلامٌ مرجوحٌ، في مقابل كلامه الذي لم يشترط فيه هذا الشرط، وذلك لأسباب:

أولاً: أن كلامه الذي لم يشترط فيه طول الصحبة جاء في موطنه وسياقه المستحقِّ له، وهو موطن الحديث عن حكم الحديث المعنعن. بخلاف كلامه الذي اشترط فيه طول الصحبة، فإنه جاء في غير موطنه، على ما بيّنّاه عند ذكره. والكلام الوارد في سياقه الطبيعي وموطنه اللائق به أولى بالتحرير والتدقيق من كلامٍ ورد عَرَضًا في غير مظنّته، لذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015