وَاعْلَم أَنا قد بحثنا فِي شرح التَّنْقِيح فِي عُلُوم الحَدِيث فِي هَذِه الْقَاعِدَة وَهِي إِفَادَة الْآحَاد الظَّن أَو الْعلم بِأَنَّهُ يخْتَلف باخْتلَاف أَحْوَال الْمخبر والمخبر اسْم فَاعل والمخبر اسْم مفعول فَمِنْهُ مَا يُفِيد الْعلم وَمِنْه مَا يُفِيد الظَّن فَلَيْسَتْ إفادته الْعلم وَعدم إفادته حكما كليا وَإِلَى عدم إفادته الْعلم وَوُجُوب الْعَمَل بِهِ فِي الْفُرُوع قُلْنَا ... لَا غَيره وَاجِب فِي الفرعي ... قبُوله لَا فِي الدَّلِيل الْقطعِي ...
قَوْله لَا غَيره عطف على قَوْله وَالظَّن مِنْهُ يُوجد أَي لَا غير الظَّن وَهُوَ الْعلم لقَرِينَة الْمقَام وَإِن كَانَ لفظ غَيره أَعم وَقَول من قَالَ أَنه يُفِيد الْعلم إِذا حَفَّتْهُ الْقَرَائِن لَا يُنَاسب الْبَحْث إِذْ النَّفْي بِاعْتِبَار النّظر إِلَى الْآحَاد من حَيْثُ هِيَ فَلَا يُنَافِيهِ أَن الآحادي المحفوف بالقرائن يُفِيد الْعلم فَإِن الإفادة لَيست من الْخَبَر الآحادي بل مِمَّا انْضَمَّ إِلَيْهِ وَإِذا عرفت أَنه قد اتّفق على إفادته الظَّن فَقَوله وواجب فِي الْفَرْع إِشَارَة إِلَى مَسْأَلَة ثَالِثَة تتَعَلَّق بِوُجُوب الْعَمَل بالْخبر الآحادي فَإِذا كَانَ يُفِيد الظَّن فقد عرفت أَنه يجب الْعَمَل بِالظَّنِّ فِي الْأَحْكَام الفرعية كَمَا عَرفته من بحث الدَّلِيل ورسمه وَقد عرفت مِمَّا سلف أَن الظَّن يعْمل بِهِ فِي مسَائِل الْأُصُول كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي رسم أصُول الْفِقْه فقولنا هُنَا لَا فِي الدَّلِيل الْقطعِي إِشَارَة إِلَى كَلَام الْجُمْهُور أَنه لَا يقبل فِي مسَائِل الْأُصُول إِلَّا الْأَدِلَّة القطعية مُوَافقَة لما فِي الأَصْل الَّذِي نظمناه وَإِلَّا فمختارنا خِلَافه