مِنْهُم وَأما دُخُوله بعد عوده من الطَّائِف فِي جوَار الْمطعم بن عدي بعد وَفَاة عَمه أبي طَالب فلزيادة التَّقْوَى وزجر السُّفَهَاء عَن التَّعَرُّض لَهُ وَقد ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَافَ أول الْأَمر وَقَالَ إِنِّي أَخَاف أَن يتلفوا رَأْسِي فَأَمنهُ الله بِمَا وعده بِهِ من النَّصْر وَالْفَتْح وَحِينَئِذٍ فقد يُقَال لَا يتم فِي حَقه أَن يخَاف على نَفسه وَهَذَا كُله قبل نزُول قَوْله تَعَالَى {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} وأمابعدها فَلَا كَلَام فِيهِ
الشَّرْط الثَّالِث قَوْله وَلم يكن من غَيره إِنْكَار فَإِنَّهُ لَو أنكر غَيره بِحَضْرَتِهِ لم يكن سُكُوته تقريرا لاكتفائه بنكار الْغَيْر فَإِنَّهُ لَو كَانَ إِنْكَاره فِي غير مَوْضِعه لما قرر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشكله ولأنكر عَلَيْهِ إِنْكَاره مَا لَيْسَ بمنكر وَيدل عَلَيْهِ مَا ثَبت فِي قصَّة كَعْب بن مَالك فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سَأَلَ فِي تَبُوك مَا فعل كَعْب بن مَالك قَالَ بعض من حضر شغله النّظر فِي عطفيه فَقَالَ بعض الْحَاضِرين عِنْده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله مَا علمنَا عَلَيْهِ إِلَّا خيرا فَسكت صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقررا للْبَعْض فِي رده عَلَيْهِ غيبَة كَعْب وإنكاره على من اغتابه
الرَّابِع قَوْله وَلَيْسَ مِمَّا يفعل الْكفَّار أَي أَنه إِن كَانَ سُكُوته عَن ش علمه إِنْكَاره كمضي كَافِر إِلَى كَنِيسَة فَإِن سُكُوته عَلَيْهِ لَا يكون تقريرا لَهُ وَإِبَاحَة لفعله سَوَاء قدر على إِزَالَته أَو لَا فَإِذا جمع سُكُوته هَذِه الشُّرُوط فَالْحكم فِيهِ مَا يفِيدهُ قَوْله ... يُبِيح مَا هَذَا يكون حَاله ...