ثمَّ إِن هَا هُنَا بحثين الأول قد عرفت أَن الدَّلِيل أَنه لَا يكون الْقُرْآن إِلَّا مَا تَوَاتر هِيَ الْعَادة الَّتِي أَشَرنَا إِلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُم دَلِيل غَيرهَا وَقد تعقب بعض الْمُحَقِّقين هَذَا الدَّلِيل وَقَالَ مِثَال الْعَادة طُلُوع الشَّمْس من الْمشرق وغروبها من الْمغرب واستمرار الْجَبَل حجرا ثمَّ قَالَ فَهَذِهِ الْعَادة الَّتِي يُحَال على مثلهَا وعمدتها حُصُول الْعلم بِمُقْتَضَاهُ وَيَتَرَتَّب على الْعلم بمتقضاها الْعلم بمكابرة منكرها وَهَذِه الْعَادة الَّتِي ذكرت هُنَا الْمُسلم مِنْهَا لُزُوم تَوَاتر فِي الْجُمْلَة وَجُمْهُور التفاصيل وَقد وَقع بِفضل الله تَوَاتر أَكثر مِمَّا تقضي بِهِ الْعَادة من ذَلِك وَأما مَا ادعوهُ هُنَا فَلَا قضى بِهِ عقل وَلَا ساعده الْوَاقِع وَكثير من النَّاس الْعُقَلَاء الْعلمَاء لَا سِيمَا المختصون بِعلم الْقُرْآن على خلاف هَذِه الدَّعْوَى وتهجينها وَقد ذكرُوا ذَلِك وَأقرب شَيْء من الْكتب المحيطة المتداولة النشر لِابْنِ الْجَزرِي وَمن ادّعى على النَّاس أَنهم منكرون للتواتر الضَّرُورِيّ الَّذِي يُرَاجع كل منصف نَفسه بعد مبالغته فِي الْبَحْث فَيحكم على دَعوَاهُم بِالْبُطْلَانِ فمنزلة هَذَا الْمُدَّعِي الإهمال انْتهى

فَهَذَا الْبَحْث الأول فِي قَوْلهم وكل مَا لم يتواتر فَإِنَّهُ لَيْسَ بقرآن الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْله فَمَا أَتَى بِغَيْرِهِ لَا ينظر الْبَحْث الثَّانِي على قَول ابْن الْجَزرِي الَّذِي نَقله فِي الإتقان وَاسْتَحْسنهُ من أَن كل قِرَاءَة وَافَقت الْعَرَبيَّة وَلَو بِوَجْه ووافقت أحد الْمَصَاحِف العثمانية وَلَو احْتِمَالا وَصَحَّ سندها إِلَى آخر كَلَامه فَإِنَّهُ قد أورد عَلَيْهِ ذَلِك الْمُحَقق أَن الَّذِي اشْتَرَطَهُ غير صَحِيح أما مُوَافقَة خطّ الْمُصحف فَلَا دَلِيل على ذَلِك كَيفَ وَقد خُولِفَ الْمُصحف فِي مَوَاضِع لم يقْرَأ أحد على مُقْتَضَاهُ فِيهَا فَهَل قَرَأَ أحد / أَو لاأذبحنه / / وَلَا أوضعوا خلالكم / وَنَحْو ذَلِك وَلَا نسلم اسْتِقْرَار خطّ الْمُصحف على قانون والعمدة إِنَّمَا هُوَ النَّقْل والمصاحف وضعت لضبط الْجُمْلَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015