الْعقل وَالنَّظَر فِي الْمُقدمَات والاستدلالات والإصغاء وتقليب الحدقة وَنَحْو ذَلِك فِي الحسيات
وَفِي النسفية وَشَرحهَا أَن أَسبَاب الْعلم ثَلَاثَة الْحَواس الْخمس السليمة وَالْخَبَر الصَّادِق وَالْعقل وَقَالَ السعد لَا تَنْحَصِر فِي الثَّلَاثَة بل هَاهُنَا أَشْيَاء أخر مثل الوجدان والحدس والتجربة وَنظر الْعقل بِمَعْنى تَرْتِيب المبادىء والمقدمات والضروري يُقَال تَارَة فِي مُقَابلَة الْكسْب ويفسر بِمَا لَا يكن تَحْصِيله مَقْدُورًا للمخلوق وَتارَة فِي مُقَابلَة الاستدلالي ويفسر بِمَا يحصل بِدُونِ فكر وَنظر فِي دَلِيله وَمن هُنَا جعل بَعضهم الْعلم الْحَاصِل بالحواس اكتسابيا أَي حَاصِلا بِمُبَاشَرَة الْأَسْبَاب بِالِاخْتِيَارِ وَبَعْضهمْ جعله ضَرُورِيًّا أَي حَاصِلا بِدُونِ اسْتِدْلَال نَص عَلَيْهِ السعد فِي شرح العقائد
وَاعْلَم أَن انقسام الْعلم إِلَيْهِمَا لَا يحْتَاج إِلَى الِاسْتِدْلَال بل يعرف بالوجدان فكم بَين الْعلم بِأَن الشَّمْس مشرقة وَالنَّار محرقة وَبَين الْعلم بِأَن الْعَالم حَادث فَالْأول ضَرُورِيّ وَالثَّانِي كسبي نَظَرِي وَقَوله مَا لَيْسَ للتشكيك فِيهِ مدْخل خبر عَن قَوْله ثمَّ الأول أَو عَن مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْكل خبر عَن الأول فالضروري مَا لَا يقبل التشكيك فَإِن قيل النظري بعد النّظر الصَّحِيح لَا يقبل أَيْضا التشكيك كعلمنا بِأَن الْعَالم حَادث فَإِنَّهُ لَا يقبل التشكيك بِأَنَّهُ غير حَادث قطّ فَمَا الْفرق أُجِيب بِأَن الضَّرُورِيّ لَا يقبل التشكيك الْبَتَّةَ بِخِلَاف الكسبي فَإِنَّهُ يدْخل عَلَيْهِ التشكيك فِي الْجُمْلَة وينفيه تَصْحِيح النّظر وتجديده وَحين فرغ من تَعْرِيف الْعلم أَخذ فِي تَعْرِيف الظَّن بقوله ... وَالظَّن تَجْوِيز يكون راجحا ...