هَذِه مَسْأَلَة تعراض الْمُرْسلين فيرجح مُرْسل الضَّابِط لما يرويهِ الَّذِي عرف أَنه لَا يُرْسل إِلَّا عَن عدل على من لم يعرف بذلك وَذَلِكَ لقُوَّة الظَّن بالمرسل الأول دون الثَّانِي وَتقدم فِي بَاب الْأَخْبَار شَيْء من هَذَا فَإِن كَانَ أَحدهمَا يُرْسل عَن المجاهيل فَإِنَّهَا لَا تقبل رِوَايَته فضلا عَن أَن يُعَارض بهَا غَيرهَا وَهَذَا إِذا تعَارض مرسلان

فَأَما إِذا تعَارض مُرْسل ومسند فقد أَفَادَهُ قَوْله

وَيقبل الْمسند مِمَّا يُرْسل

وَقيل بِالْعَكْسِ وَقيل الأمثل

هَذِه إِشَارَة إِلَى ثَلَاثَة أَقْوَال

الأول أَنه إِذا تعَارض الْمسند والمرسل قدم الأول فَإِنَّهُ أولى من الثَّانِي وَهَذَا رَأْي الْجُمْهُور قَالُوا لِأَن تطرق الْخلَل فِي الْمسند أقل من الْمُرْسل

وَقيل الْعَكْس وَهُوَ الثَّانِي وَهُوَ تَقْدِيم الْمُرْسل وترجيحه على الْمسند وَهَذَا رَأْي الْحَنَفِيَّة وَبَعض الزيدية قَالُوا لِأَن الرَّاوِي لَا يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا وَهُوَ كالقاطع بِأَن الَّذِي رَوَاهُ صدر عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأجِيب بِأَن المُرَاد الْمسند الصَّحِيح فَإِن أُرِيد بِالْقطعِ قُوَّة الظَّن فَمن أسْند أَيْضا كَذَلِك وَإِن أُرِيد الْقطع حَقِيقَة فَغير مُسلم وَأَيْضًا فعدالة رُوَاة الْمسند تعرف بالبحث عَن رِجَاله بِخِلَاف رجال الْمُرْسل فَإِنَّهُم لَا يعْرفُونَ إِذا بإرساله جهلوا

الثَّالِث قَوْله وَقيل الأمثل

الاستوا وَرجح الْمَشْهُور

ومرسل التَّابِع وَالْمَذْكُور ... فِي مثل مَا أخرجه البُخَارِيّ

وَمُسلم من سنة الْمُخْتَار

فَقَوله الاستوا خبر الأمثل وَهَذَا ثَالِث الْأَقْوَال أَنه لَا تَرْجِيح لأَحَدهمَا على الْأُخَر بل هما سَوَاء وَهَذَا رَأْي جمَاعَة من أَئِمَّة الْأُصُول وَاخْتَارَهُ الْمهْدي قَالُوا لِأَن الْمُعْتَبر عَدَالَة الرَّاوِي وَقد قيل كل من الْمسند والمرسل فَلَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر إِذا تَعَارضا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015