الشجار فَلَا يحْتَاج إِلَى الْحَاكِم وَحكم الْحَاكِم من دون مرافعة كَقَوْل أهل الْفتيا
هَذَا وَمن لم يعقل التقليدا
مغفلا لجهله بليدا ... فَكل مَا يَفْعَله صَحِيح
هَذَا الَّذِي يقْضِي بِهِ التَّرْجِيح ... مُعْتَقد الْجَوَاز مَا لم يخرق
إجماعنا لكنه فِيمَا بَقِي ... يُفْتِي بِرَأْي العلما من شيعته
ثمَّ بِأَدْنَى جِهَة من جِهَته
هَذِه الْمَسْأَلَة أَي مَسْأَلَة الْجَاهِل الَّذِي لَا يعقل التَّقْلِيد وَلَا رشد لَهُ بمسائل الْفُرُوع وَإِنَّمَا يقبل ضروريات الدّين قَالَ الْعلمَاء من كَانَ بِهَذِهِ الصّفة فَإِن الحكم فِيمَا يَفْعَله مُعْتَقدًا جَوَازه هُوَ الصِّحَّة كَمَا قَالَ فَكل مَا يَفْعَله صَحِيح إِلَّا أَن يخرق الْإِجْمَاع فَإِنَّهُ يُنكر عَلَيْهِ وَلَو اعتقده جَائِزا وَالْمرَاد الْإِجْمَاع الْقطعِي لَا الظني فَإِنَّهُ بِمَثَابَة الدَّلِيل الظني هَذَا رَأْي الْجُمْهُور وَقد أُشير إِلَى رجحانه حَيْثُ قَالَ هَذَا الَّذِي يقْضِي بِهِ التَّرْجِيح وَوَجهه مَا تقرر أَنه لَا إِنْكَار فِي الظنيات على من يعْتَقد جَوَاز الشَّيْء إِذْ من شَرط الْإِنْكَار اعْتِقَاد الْحُرْمَة فالجاهل ينزل منزلَة الْمُجْتَهد فِي عدم التَّضْيِيق عَلَيْهِ من حَيْثُ أَن كلا مِنْهُمَا لَا يلْتَزم بطريقة مَخْصُوصَة بل مَا اعْتقد جَوَازه عمل بِهِ وَهَذَا معنى قَول الْفُقَهَاء الْجَاهِل كالمجتهد
وَأما حكمه فِيمَا عدا ذَلِك فقد أَشَارَ إِلَيْهِ النّظم بقوله يُفْتِي إِلَخ فَينزل منزلَة الْعَاميّ الَّذِي يعقل التَّقْلِيد من حَيْثُ لم يعلم الْجَوَاز فيفتي بِمذهب الْعلمَاء من شيعته الَّذِي هُوَ من جهتهم وَذَلِكَ كعوام الزيدية فِي قطر الْيمن يفتون بِمذهب الْهَادِي ثمَّ إِذا عدم أُفْتِي بِرَأْي عُلَمَاء أقرب جِهَة إِلَيْهِ كالمستفتي إِذا عدم الْعلمَاء فِي بِلَاده وَجب عَلَيْهِ الْخُرُوج إِلَى أقرب جِهَة إِلَيْهِ وَهَذَا من النَّاظِم مُتَابعَة للْأَصْل وَإِلَّا فَالظَّاهِر أَنه يُفْتِي بِمذهب أَي إِمَام من الْأَئِمَّة وَلَا دَلِيل على مَا ذكر من التَّرْتِيب وَلنَا بِحَمْد الله أبحاث على هَذِه الْمسَائِل أودعناها رِسَالَة مُسْتَقلَّة وَلَا يحْتَمل هُنَا التَّطْوِيل بذكرها
وَلم نجز بِحَمْد الله الْكَلَام على تَاسِع الْأَبْوَاب وَمَا قبله أَخذ فِي ذكر عَاشرهَا وَهُوَ آخرهَا فَقَالَ