وَاعْلَم أَنه قد ذكر السَّيِّد مُحَمَّد الْمُفْتِي فِي شَرحه للتكملة اضْطِرَاب الْكَلَام فِي التَّفْرِقَة بَين الْمُقَلّد والملتزم والمستفتي وَأطَال فِي نقل كَلَامهم ثمَّ قَالَ وَقَوْلِي فِي ذَلِك وَإِن كنت قاصرا أَن يُقَال الاستفتاء السُّؤَال عَن حكم الْحَادِثَة والتقليد هُوَ الْعَزْم على الْعَمَل بقول الصَّالح بِلَا حجَّة خَاصَّة وَلَا شُبْهَة زَائِدَة على مقاله وَلَا يكون كَذَلِك إِلَّا مَعَ اعْتِقَاد صِحَّته عِنْده والالتزام مِنْهُ هُوَ الْتِزَام الْعَزْم على الْعَمَل بقوله هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يجروا عَلَيْهِ من ذَلِك الِاصْطِلَاح انْتهى
هَذَا وَقد حرم أَن يقلدا
مجتهدين عِنْده فَصَاعِدا ... يجمع قَوْلَيْنِ لَهُم فِي حكم
فِي صُورَة يمْنَعهَا ذُو الْعلم ... مثل نِكَاح غَابَ عَنهُ الشَّاهِد
مَعَ الْوَلِيّ فَهُوَ عقد فَاسد
هَذِه مَبْنِيَّة على القَوْل بِعَدَمِ وجوب الِالْتِزَام فَإِذا جَازَ للعامي الْعَمَل بِمَا شَاءَ من أَقْوَال الْمُجْتَهدين فَلَيْسَ لَهُ أَن يجمع بَين قَوْلَيْنِ مُخْتَلفين فِي حكم وَاحِد لَا يَقُول بِهِ أَي بِالْجمعِ أحد من الْعلمَاء فِي ذَلِك الحكم وَقد مثله النَّاظِم بِالنِّكَاحِ من دون ولي تقليدا لأبي حنيفَة وَبِدُون شُهُود شُهُود تقليدا لمَالِك إِن هَذَا نِكَاح فَاسد على قَول كل من قَلّدهُ أما الأول فَلِأَنَّهُ فَاسد عِنْده إِذْ لَا شُهُود وَأما الثَّانِي فَإِنَّهُ فَاسد عِنْده إِذْ لَا ولي
فَائِدَة أما لَو قلد جمَاعَة الْعلمَاء وتتبع رخص أَقْوَالهم فَمَنعه الْجُمْهُور وادعي الْإِجْمَاع على ذَلِك وَلَيْسَ بِصَحِيح فَإِنَّهُ قَالَ أَبُو اسحاق الْمروزِي من عُلَمَاء الشَّافِعِيَّة والعز بن عبد السلام إِنَّه يجوز لَهُ وَهُوَ الظَّاهِر مِمَّن لم يُوجب الِالْتِزَام
وَجَائِز أَن يُفْتِي الْمُقَلّد
حِكَايَة عَمَّا يرى الْمُجْتَهد ... إِذا غَدا أَهلا لِأَن يخرجَا
هَذَا على ماقاله أهل الحجا