مثل لم يقل أحد إِنَّه لَا يعْمل بِهِ فِي جَمِيع الْأَحْكَام بل هَذَا التَّعْلِيل فِي عدم الِالْتِزَام أوضح
وَاعْلَم أَن الْأَوْلَوِيَّة الِالْتِزَام أَو إِيجَابه بِدعَة نشأت من تفرق الْعباد فِي الدّين وَاتِّبَاع كل لما عَلَيْهِ أهل قطره من التَّقْلِيد الْمُبين وكل هَذَا بَاطِل وَيَأْتِي بِمَاذَا يكون مُلْتَزما
ثمَّ إِذا الْتزم مَذْهَب معِين فَقَالُوا يحرم انْتِقَاله إِلَى غَيره كَمَا أَفَادَهُ قَوْله ... والانتقال بعد الِالْتِزَام ... يحرم فِيمَا اختير للأعلام ...
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي جَوَاز انْتِقَال الْمُلْتَزم من مَذْهَب من الْتزم مذْهبه إِلَى غَيره كَمَا أَفَادَهُ الْبَيْت فَادّعى جمَاعَة تَحْرِيم الِانْتِقَال بعد الْتِزَام وَإِلَيْهِ أُشير بقوله فِيمَا اختير للأعلام قَالَ الْمحرم مستدلا للتَّحْرِيم بقوله إِن قَول الْمُجْتَهد عِنْد الْمُقَلّد كالدليل عِنْد الْمُجْتَهد فَلَا يجوز لَهُ الْخُرُوج كَمَا لَا يجوز للمجتهد
وَأجِيب بِأَنَّهُ إِنَّمَا يحرم على الْمُجْتَهد الِانْتِقَال لِأَنَّهُ مَتى حصل لَهُ من نظره فِي أَمارَة ظن الحكم جزم بِوُجُوب عمله بِمُقْتَضَاهُ لانعقاد الْإِجْمَاع على أَنه يجب عَلَيْهِ الْعَمَل بِمُقْتَضى ظَنّه وَلَيْسَ كَذَلِك الْمُقَلّد فَإِن ظَنّه لَا يُفْضِي بِهِ إِلَى علم إِذا لم ينْعَقد الْإِجْمَاع على وجوب اتِّبَاعه لظَنّه بل انْعَقَد على خِلَافه وَلَا يخفى ظُهُور هَذَا الرَّد
وَمن قَالَ بِحرْمَة الِانْتِقَال بعد الِالْتِزَام قد اسْتثْنى مَا أَفَادَهُ قَوْله ... إِلَّا إِلَى تَرْجِيح ذِي الْأَهْلِيَّة ...
أَي أَنه يجب الِانْتِقَال بعد الِالْتِزَام إِذا تمكن الْمُلْتَزم من التَّرْجِيح بَين الْأَدِلَّة حَيْثُ صَار مُجْتَهدا مُطلقًا أَو فِي مَسْأَلَة على القَوْل بالتجزي لما عرفت من أَنه يحرم على الْمُجْتَهد التَّقْلِيد أَو إِذا ظهر لَهُ فَوَات كَمَال من الْتزم مذْهبه فِي علمه أَو عَدَالَته وَجب الِانْتِقَال عَنهُ أَو فسق بعد عَدَالَته فَإِنَّهُ ينْتَقل عَنهُ فِيمَا تعقب من أَقْوَاله بعد فسقه لَا فِيمَا قبله فقد نفذ مَا عمله وَصَحَّ