على علمي فَهَذِهِ الثَّلَاثَة يحرم التَّقْلِيد فِيهَا لَا فِيمَا عَداهَا فَإِنَّهُم أوجبوا التَّقْلِيد لغير الْمُجْتَهد فِيهَا وَهِي الْمسَائِل العملية قَطْعِيَّة كَانَت أَو ظنية وَهَذَا رَأْي الْجُمْهُور من الْعلمَاء وَظَاهر عبارَة الْمهْدي فِي كِتَابيه الأزهار والمنهاج وَمثل عبارَة الْفُصُول أَنه جَائِز وَحَكَاهُ عَن الْجُمْهُور وَذهب آخَرُونَ إِلَى عدم جَوَاز التَّقْلِيد مُطلقًا وَاسْتدلَّ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوب بِأَنَّهُ مَعْلُوم أَن الْعلمَاء فِي كل عصر لَا يزالون يفتون الْعَوام ويقبلون ذَلِك ويعملون بِهِ من دون بَيَان دَلِيل ذَلِك وشاع وذاع من غير إِنْكَار فَكَانَ إِجْمَاعًا

قَالَ الْمُخَالف هَذَا دَلِيل الْجَوَاز فَأَيْنَ دَلِيل الْوُجُوب

قَالُوا قَوْله تَعَالَى {فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} وَهَذَا أَمر وَأَصله الْإِيجَاب وَهُوَ عَام لإِيجَاب السُّؤَال على كل من لَا يعلم وَأجِيب بِأَن المُرَاد اسألوهم عَن أَدِلَّة مَا تخاطبون بالإتيان بِهِ لَا عَن رَأْيهمْ وَبِأَن الْآيَة فِي السُّؤَال عَن شَيْء خَاص وَهُوَ أَنه لم يسل الله إِلَّا رجَالًا يوحي إِلَيْهِم كَمَا هُوَ صَرِيح صدر الْآيَة قَالَ تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم فاسألوا أهل الذّكر} عَن هَذَا الْخَاص حَيْثُ لم تعلمُوا الْبَينَات والزبر قَالُوا أَيْضا قد أوجبتم الِاجْتِهَاد على كل وَاحِد فِي الْمسَائِل الْأُصُولِيَّة وَهِي أدق وأخفى من مسَائِل الْفُرُوع وَالْأَصْل الْعَمَل بِالْعلمِ وَإِن لم يكن فبالظن وَلَيْسَ الظَّن الْحَاصِل بِالِاجْتِهَادِ كالظن الْحَاصِل عَن التَّقْلِيد

قُلْنَا الْحق أَحَق بالاتباع وَالْوَاجِب على الْعَاميّ السُّؤَال عَن الْمَسْأَلَة الْمُحْتَاج إِلَيْهَا ودليلها وَلَا يجوز لَهُ التَّقْلِيد وَالْمَسْأَلَة مبسوطة فِي غير هَذَا

وعَلى إِيجَاب التَّقْلِيد أَو جَوَازه تفرعت الْمَسْأَلَة الْمشَار إِلَيْهَا بقوله ولازم وَهُوَ مُبْتَدأ خَبره فَاعله الساد مسد خَبره وَهُوَ قَوْله أَن يعرف من يلازم أَي من يلازمه بتقليده إِيَّاه وَيصِح فتح الزَّاي من يلازم وَكسرهَا وَقَوله ولازم أَي وَاجِب على الْمُقَلّد معرفَة من يلازمه ومعرفته بالبحث عَن علمه وعدالته فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُقَلّد من اجْتمع فِيهِ الْأَمْرَانِ علم الْمُجْتَهد وَالْعَدَالَة لِأَن المتصف بهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015