لم نسلم زَوَال الْمَفْهُوم وَإِلَّا لزم ذَلِك فِي مَفْهُوم الْمُوَافقَة وَهُوَ خلاف مَا قرر آنِفا وَلَا فرق بَينهمَا إِلَّا بِأَن ذَلِك الحكم أقوى فِي الدّلَالَة من حَيْثُ التلازم وَلَكِن مُجَرّد الْقوي لَا يسْقط الأضعف وَهُوَ دلَالَة مَفْهُوم الْمُخَالفَة عِنْد معتبريه
مِثَال نسخ الْمَفْهُوم مَعَ بَقَاء أَصله حَدِيث إِنَّمَا المَاء من المَاء فَإِنَّهُ نسخ مَفْهُومه وَهُوَ أَنه لَا غسل عِنْد عدم الْإِنْزَال حَدِيث إِذا التقى الختانان فقد وَجب الْغسْل وَمِثَال نسخهما مَعًا أَن يُقَال فِي الْغنم السَّائِمَة زَكَاة ثمَّ بعد مُضِيّ إِمْكَان الْفِعْل يُقَال لَا زَكَاة فِي السَّائِمَة وَلَا المعلوفة وَمِثَال نسخ الأَصْل دون الْمَفْهُوم أَن يُقَال فِي الْغنم السَّائِمَة زَكَاة ثمَّ يرد النّسخ بِأَنَّهُ لَا زَكَاة فِي السَّائِمَة فَمن قَالَ بِأَنَّهُ يكون نسخا للمفهوم يَقُول قد بَطل الأَصْل الَّذِي تفرع على دلَالَته الْمَفْهُوم فَيبْطل الْمَفْهُوم وَمن منع من ذَلِك يَقُول بل دَلِيل الْمَفْهُوم بَاقٍ لم يزل من حَيْثُ الدّلَالَة اللفظية وَلَكِن مَفْهُوم النّسخ إِذا عَارض مَفْهُوم الْمَنْسُوخ كَانَ من تعَارض الدَّلِيلَيْنِ إِذا وجد مُرَجّح عمل بالأرجح فَفِي الْمِثَال الْمَذْكُور يرجح مَفْهُوم الأَصْل الْمَنْسُوخ للبراءة الْأَصْلِيَّة لِأَنَّهُ يدل على أَنه لَا زَكَاة فِي المعلوفة وَمَفْهُوم النّسخ يدل على أَن فِيهَا زَكَاة وَمن يرجح النَّاقِل عَن الأَصْل قَالَ بِالْعَكْسِ هَذَا فِي نسخ الْمَفْهُوم فَأَما النّسخ بِهِ فَقيل لَا ينْسَخ بِهِ لضعف دلَالَة