وَالدَّلِيل على مَا ذَكرْنَاهُ من التَّحْرِيم أَفَادَهُ قَوْلنَا
لِأَنَّهُ لَو جَازَ كَانَ يلْزم
من ذَاك تَكْلِيف لما لَا يعلم
أَي لَو جَازَ تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة لزم مِنْهُ تَكْلِيف مَا لَا يُعلمهُ الْمُكَلف وَهُوَ قَبِيح لَا يجوز من الْحَكِيم
وَجَائِز وفقت للصَّوَاب
تَأْخِيره عَن زمن الْخطاب ... فِي نَهْيه وَأمره لَا فِي الْخَبَر
إِذْ المُرَاد مِنْهُ إفهام الْبشر
الَّذِي سلف تَحْرِيمه هُوَ التَّأْخِير للْبَيَان عَن زمن الْحَاجة أما تَأْخِيره عَن زمن الْخطاب فَفِيهِ أَقْوَال
الأول إِنَّه جَائِز سَوَاء كَانَ الْخطاب مُجملا أَو ظَاهرا أُرِيد بِهِ خلاف ظَاهره كالعام وَالْمُطلق وَهَذَا قَول الْأَكْثَر وَسَوَاء كَانَ أمرا أَو نهيا أَو خَبرا
وَالثَّانِي يجوز تَأْخِيره فِي الْأَمر وَالنَّهْي دون الْخَبَر وَهُوَ الَّذِي أَفَادَهُ النَّاظِم
وَالثَّالِث لَا يجوز مُطلقًا
وَجه القَوْل الثَّانِي وَهُوَ التَّفْصِيل أَن الْخطاب فِي الْأَمر وَالنَّهْي إِذا وَقع من دون بَيَان سَوَاء كَانَ بمجمل أَو ظَاهر أُرِيد بِهِ خِلَافه لم يحصل مِنْهُمَا اعْتِقَاد جهل بِخِلَاف الْخَبَر فَلَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْخطاب بِهِ لِأَنَّهُ إِذا وَقع بِظَاهِر وَالْمرَاد خِلَافه اوقع سامعه فِي اعْتِقَاد الْجَهْل وَإِذا كَانَ بمجمل لزم الْعَبَث لعدم الْفَائِدَة بالإخبار فِي الْمُجْمل وَلَيْسَ المُرَاد من الْخَبَر إِلَّا إفهام السَّامع وإفادته فَهَذَا هُوَ الدَّلِيل لأهل التَّفْصِيل وَأجِيب عَن ذَلِك بِأَن اعْتِقَاد الْجَهْل مُشْتَرك الْإِلْزَام فَإِنَّهُ لَا بُد فِي الْأَمر وَالنَّهْي من اعْتِقَاد وجوب الْعَمَل أَو التّرْك وَفِيه أَقْوَال أخر وتفاصيل فِي مطولات الْفَنّ لَا يحتملها الِاخْتِصَار وَقد اسْتدلَّ لمن قَالَ بِجَوَاز تَأَخره عَن وَقت الْخطاب مُطلقًا بِأَنَّهُ قد وَقع والوقوع