اخْتِيَار الْجُمْهُور من الزيدية وَغَيرهم أَنه إِن خص بِمعين نَحْو اقْتُلُوا الْمُشْركين إِلَّا أهل الذِّمَّة فَهُوَ حجَّة وَإِن خص بمبهم نَحْو إِلَّا بَعضهم أَو إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم فَلَيْسَ بِحجَّة لإجماله وَاسْتَدَلُّوا على أَنه حجَّة فِي الْبَاقِي بِمَا عرف من اسْتِدْلَال الصَّحَابَة بِظَاهِر العمومات المخصوصات وشاع بَينهم وذاع فَكَانَ إِجْمَاعًا وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَانَ متناولا للْبَاقِي بعد إِخْرَاج الْبَعْض وَالْأَصْل بَقَاء تنَاوله على مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يقوم دَلِيل على خِلَافه والتخصيص لَا يُوجب نَقله عَن أَصله وتغييره عَمَّا شَمله بل يزِيدهُ قُوَّة وظهورا فَإِنَّهُ إِذا قيل اقْتُلُوا الْمُشْركين إِلَّا أهل الذِّمَّة أَفَادَ ثُبُوت الحكم على الْمُشْركين الْمخْرج مِنْهُم أهل الذِّمَّة بعد أَن كَانَ لفظ الْمُشْركين شَامِلًا لأهل الذِّمَّة وَأهل الْحَرْب فازداد تنَاول الْعَام للْبَاقِي قُوَّة
قَالُوا وَأما إِذا خص بمبهم فَإِنَّهُ مَعَ الْإِبْهَام لَا يعلم مَا قصد بالتخصيص فَمَا من فَرد إِلَّا وَهُوَ مُحْتَمل لِأَن يكون هُوَ الْمخْرج فَصَارَ الْبَاقِي مُجملا وَهَذَا صَادِق على الْمُبْهم فِي الْمَعْنى وَفِي اللَّفْظ كَمَا قدمْنَاهُ إِذا تقرر هَذَا فقولنا وَالْعَام إِن خص فَغير مُجمل إِنَّمَا هُوَ رد لقَوْل من يَقُول إِنَّه إِن خص فَإِنَّهُ لَا يبْقى حجَّة سَوَاء خص بِمعين أَو مُبْهَم وَهَذَا يرْوى عَن أبي ثَوْر وَحَكَاهُ الْقفال الشَّاشِي عَن أهل الْعرَاق وَنَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن كثير من الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة والمالكية قَالُوا لِأَن لفظ الْعَام مَوْضُوع للاستغراق وَقد صَار بعد التَّخْصِيص للْبَعْض وكل بعض هُوَ فِيهِ مجَاز وَلَا يتَعَيَّن أحد الأبعاض لتَعَدد مجازها إِذْ يحْتَمل أَنه مجَاز فِي كل مَا بَقِي وَفِي كل بعض فَكَانَ مُجملا