وَقَوْلنَا من الْجمل بَيَان لِأَنَّهُ فِي تعاطف الْجمل لَا الْمُفْردَات فَإِنَّهُ يعود فِيهَا إِلَى الْجَمِيع وَهُوَ اتِّفَاق كَمَا يفهم من كَلَام ابْن الْحَاجِب وَقَوْلنَا تعطفه شَامِل لأي حرف من حُرُوف النسق من الْوَاو وَالْفَاء وَثمّ

إِذا عرفت هَذَا فَفِي الْمَسْأَلَة خلاف

الأول مَا فِي النّظم وَهُوَ عوده إِلَى الْجَمِيع وَهُوَ كَلَام جُمْهُور الْعلمَاء وَاسْتَدَلُّوا بِأَن التَّخْصِيص بِالْمَشِيئَةِ وَالشّرط يعود إِلَى الْجَمِيع من الْجمل اتِّفَاقًا فَكَذَا الِاسْتِثْنَاء مثله إِذا لكل تَخْصِيص بالمتصل بل قيل الِاسْتِثْنَاء شَرط فِي الْمَعْنى فَإِنَّهُ لَا فرق بَين قَوْلك القذفة فساق إِن لم يتوبوا أَو إِلَّا أَن يتوبوا وَأَيْضًا الأَصْل اشْتِرَاك الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ فِي جَمِيع المتعلقات كالحال وَالشّرط وَالصّفة فَيجب أَن يكون الْمُسْتَثْنى كَذَلِك مَا لم يصرف عَنهُ صَارف كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ وَذَلِكَ فِي آيَة الْقَذْف فَإِن قَوْله تَعَالَى {إِلَّا الَّذين تَابُوا} بعد الثَّلَاث الْجمل لَا يعود إِلَى الأول اتِّفَاقًا أَعنِي سُقُوط جلد الْقَذْف فِي التَّوْبَة وَالْخلاف فِي الْمَسْأَلَة لأبي حنيفَة فَقَالَ بعوده إِلَى الْأَخِيرَة

وَالثَّانِي الْوَقْف وَاسْتدلَّ الْحَنَفِيَّة بِأَن الأَصْل فِيهِ الِاتِّصَال بالمستثنى مِنْهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي غير الْجُمْلَة الْآخِرَة وَأجِيب بِأَن ذَلِك يلْزم فِي الْمُفْردَات والاتفاق وَاقع على أَن يعود فِيهَا إِلَى الْجَمِيع وَمِنْهَا أَي من أَدِلَّة الْحَنَفِيَّة أَن عوده إِلَى مَا يَلِيهِ وَهِي الْآخِرَة يكون حَقِيقَة إِذْ هِيَ الأَصْل فِي الِاسْتِثْنَاء وَالْعود إِلَى الْكل إِمَّا أَن يكون مُشْتَركا أَو مجَازًا والحقيقة أولى من كل مِنْهُمَا وَيُجَاب بِأَن دَعْوَى أَن الأَصْل عوده إِلَى الْآخِرَة مَحل النزاع وَاسْتدلَّ لَهُم بِأَن الْمُسْتَثْنى وَاقع بعد عاملين فَهُوَ من بَاب التَّنَازُع وَقد وَقع الِاتِّفَاق أَن الْمَعْمُول فِي بَاب التَّنَازُع يكون لأَحَدهمَا وَلم يقل أحد بِأَنَّهُ هُنَا يعود إِلَى الأول فَقَط فَيكون الظاهرعوده فِي الْجمل إِلَى الآخيرة وَهُوَ الْمَطْلُوب ورد بِأَن هَذَا إِنَّمَا يتم على قَول من يَقُول الْعَامِل فِي الْمُسْتَثْنى هُوَ مَا تقدمه وَلَيْسَ هُوَ كَلَام الْجُمْهُور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015