الثَّالِث من الْخَمْسَة وَهُوَ الِاسْتِثْنَاء وَله شُرُوط ثَلَاثَة

الأول كَونه من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَهُوَ شَأْن الْمُتَّصِل وَقد أغْنى عَن ذكر كَونه شرطا إطلاقنا لَهُ فِيمَا سلف لِأَنَّهُ إِذا أطلق لَا يُرَاد بِهِ إِلَّا هُوَ

وَالثَّانِي أَن لَا يكون مُسْتَغْرقا للمستثنى مِنْهُ نَحْو لَهُ عشرَة إِلَّا عشرَة فَإِنَّهُ يَلْغُو هُنَا وَيَأْتِي فِيهِ الْكَلَام

وَالثَّالِث هُوَ مَا أردناه بقولنَا أَن يتصلا فَإِنَّهُ يشْتَرط فِيهِ اتِّصَاله فِي الْعبارَة بِمَا أخرج مِنْهُ إِلَّا بِمَا لَا يعد فصلا عرفا كبلع الرِّيق وَالنَّفس وَهَذَا رَأْي الْجُمْهُور وينقل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ يَصح تراخيه إِلَى شهر وَقيل إِلَى سنة وَقيل مُطلقًا وَقد حمل كَلَامه على خِلَافه وَهُوَ أَنه أَرَادَ إِذا نوى الِاسْتِثْنَاء أَولا ثمَّ صرح بِهِ هُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَقيل بل أَرَادَ بِهِ التَّعْلِيق بِالْمَشِيئَةِ لَا مُطلق الِاسْتِثْنَاء كَمَا أخرجه الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ إِذا حلف الرجل على غَيره فاستثنى إِلَى سنة وَأَن الْمَعْنى فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} أَنه إِذا ذكرت فَاسْتَثْنِ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَاسْتدلَّ الْجُمْهُور بِأَنَّهُ لَو صَحَّ الِاسْتِثْنَاء لبطل جَمِيع الإقرارات وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَأَيْضًا فَكَانَ يلْزم أَن لَا يعرف الصدْق من الْكَذِب لِإِمْكَان تَعْلِيق الْكَذِب بعد مُدَّة بِمَا يُخرجهُ عَن الْكَذِب وَاسْتَدَلُّوا بِمَا أخرجه أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه فاقتصر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذكر التَّكْفِير وَلم يقل فليستثن مَعَ اخْتِيَاره لأمته أيسر الْأُمُور وأسهلها

هَذَا وَقد أَشَرنَا آنِفا إِلَى شَرْطِيَّة أَن لَا يكون مُسْتَغْرقا وَلَا أَكثر من الْمُسْتَثْنى مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعَهُمَا يلغى الِاسْتِثْنَاء وَيصير كَالْعدمِ فَإِذا قَالَ عَليّ لَهُ عشرَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015