صَحِيحَانِ وَإِن كَانَ الأَصْل هُوَ إِرَادَة الْمُتَكَلّم لَكِن لَا بحث عَنْهَا إِذْ هِيَ أَمر نَفسِي وَبعد فَرَاغه عَن كَلَامه تعرف إِرَادَته بِهِ
وَاعْلَم أَنه قد اخْتلف فِي مَا يجوز التَّخْصِيص إِلَيْهِ من أَفْرَاد الْعَام فَقيل يجوز إِلَى وَاحِد سَوَاء كَانَ الْعَام جمعا أَو لَا وَهَذَا حُكيَ عَن الْجُمْهُور مستدلين بِأَن الْبَاقِي من الْعَام بعد التَّخْصِيص مجَاز كَمَا يَأْتِي تَقْرِيره فِي أَوَاخِر بَاب التَّخْصِيص وَهُوَ رَأْي الْجُمْهُور قَالُوا والتخصيص قرينته فالمصحح للاطلاق هُوَ الْقَرِينَة وَقد وجدت فَيجوز وَلَو إِلَى وَاحِد وَقد تقرر أَن الْعَام بدل على كل فَرد من أَفْرَاد مَدْلُوله جمعا كَانَ أَو غَيره وَهُوَ أَيْضا رَأْي الْجُمْهُور
وتقرر جَوَاز التَّخْصِيص وَهُوَ إِخْرَاج بعض إِفْرَاد الْعَام عَن حكمه والإخراج إِلَى أَن يبْقى وَاحِد صَادِق على ذَلِك فالمانع مِنْهُ هُوَ الْمُحْتَاج إِلَى الدَّلِيل وَقد ورد أَيْضا فِي الْقُرْآن {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} وَالْمرَاد بِهِ وَاحِد وَهُوَ نعيم بن مَسْعُود كَمَا عرف فِي سَبَب النُّزُول وَإِن كَانَ هَذَا من الْعَام المُرَاد بِهِ الْخُصُوص لَا من الْعَام الْمَخْصُوص لكنه إِذا جَازَ فِيهِ فليجز فِي الْعَام الْمَخْصُوص فَإِنَّهُ لَا فَارق بَينهمَا إِلَّا الْإِرَادَة فَكَمَا جَازَ أَن يُرَاد وَاحِد من أَفْرَاده ابْتِدَاء من دون مُلَاحظَة الْعُمُوم فِي الْعَام فليجز أَن المُرَاد بِهِ وَاحِد من افراده مَعَ مُلَاحظَة الْعُمُوم وَأي فَارق مصحح لهَذَا دون هَذَا وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله يبشرك} فَإِن المُرَاد بِهِ جِبْرِيل وَمن ذَلِك {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة} مَعَ أَن الْقَائِل بَعضهم وَفِيه آيَات أخر فَهَذَا القَوْل أقرب الْأَقْوَال وَهِي خَمْسَة مَقْصُودَة فِي المطولات
فَإِن قلت وَأي فرق بَين الْعَام الْمَخْصُوص وَالْعَام الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص