لجَوَاز وجود مُخَصص وَإِلَّا لزم أَن لَا يعْمل بِالْحَقِيقَةِ حَتَّى يبْحَث عَن مجازها لِكَثْرَة الْمجَاز وَهَذَا بَاطِل عِنْد اكثر الْعلمَاء وَإِن قيل بِأَن فِيهِ خلافًا وَقَوْلهمْ بِأَن احْتِمَال التَّخْصِيص فِي الْعَام أقوى من احْتِمَال غَيره كالحقائق للمجاز مُسلم وَلَا يَقْتَضِي التَّوَقُّف فِي الْعَام عَن الْعَمَل بِظَاهِرِهِ فَإِن الْعُمُوم هُوَ الظَّاهِر فَلَا مُقْتَضى لهجره
وَقَالَ الْآخرُونَ غَلَبَة التَّخْصِيص تَنْفِي الظُّهُور وَلَا يُنَافِي القَوْل بِأَنَّهُ حَقِيقَة فِي الْعُمُوم فَيجب الْبَحْث حَتَّى يظنّ عدم التَّخْصِيص وَأجِيب بِأَنَّهُ مَانع عَن الْعَمَل وَلَا يجب ظن عدم الْمَانِع بل يَكْفِي عدم ظَنّه كَمَا عرف فِي مَوَاضِع
قَالَ الزَّرْكَشِيّ الْوَاجِب الْعَمَل بِالْعَام حَتَّى يبلغهُ الْمُخَصّص لِأَن الأَصْل عدم الْمُخَصّص وَلِأَن احْتِمَال الْخُصُوص مَرْجُوح وَظَاهر صِيغَة الْعُمُوم رَاجِح وَالْعَمَل بالراجح وَاجِب بِالْإِجْمَاع
قلت وَهَذَا هُوَ الَّذِي نختاره ونعمل بِهِ ونراه الْحق لما علم من اسْتِدْلَال الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ بِالْعَام من غير بحث عَن مخصصه وَهِي قضايا كَثِيرَة
وأيها النَّاس لمن قد وجدوا
وَلَا يعم اللَّفْظ من سيوجد ... بل بِالدَّلِيلِ وَالَّذين آمنُوا
وَنَحْوه مِمَّا الذُّكُور باينوا ... فِي لَفظه الْإِنَاث داخلات
نقلا أَو التغليب والأثبات
هَذِه مُشْتَمِلَة على مَسْأَلَتَيْنِ الأولى إِذا ورد الْخطاب الْعَام بِمثل {يَا أَيهَا النَّاس} و {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} وَالْمرَاد بِهِ خطاب المشافهة هَل يَشْمَل من سيوجد كَمَا يَشْمَل من هُوَ مَوْجُود حَال الْخطاب فَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقيل إِنَّه لَا يعم إِلَّا من وجد وَهَذَا قَالَه الْجُمْهُور قَالُوا لأَنا نقطع بِأَنَّهُ لَا يُقَال لمعدومين {يَا أَيهَا النَّاس} وَنَحْو وإنكاره مُكَابَرَة ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ النزاع فِي خطأ المعدومين خَاصَّة فِي شُمُول الْخطاب الموجه إِلَى الْمَوْجُودين لَهُم وَأي مَانع من دُخُولهمْ بطرِيق التغليب وَهُوَ شَائِع ذائع فِي فصيح الْكَلَام