.. وَهُوَ على الْقبْح دَلِيل يوحد ...
هَذِه مَسْأَلَة أَن النَّهْي يدل على قبح الْمنْهِي عَنهُ فكلمة على مُتَعَلقَة بِدَلِيل وَهُوَ معنى أَنه للتَّحْرِيم وَلذَا عبرنا بالقبح لِأَن الْكَلَام فِي مُقْتَضَاهُ لُغَة كَمَا ستعرفه من دَلِيل هَذَا القَوْل بِخِلَاف التَّحْرِيم فَهُوَ شَرْعِي وَإِن كَانَ هُوَ لَا بُد لَهُ لَكِن الْكَلَام فِي مُقْتَضَاهُ لُغَة وَكَونه للقبح هُوَ كَلَام الْجُمْهُور مستدلين بذم الْعُقَلَاء من أهل اللِّسَان الْعَرَبِيّ إِذْ العَبْد خَالف نهي سَيّده وَإِجْمَاع السّلف على الِاسْتِدْلَال للتَّحْرِيم بِمُجَرَّد النَّهْي إِذا تجرد عَن الْقَرَائِن وَتقدم تَحْقِيقه فِي بحث الْأَمر
وَقيل بل النَّهْي حَقِيقَة فِي الْكَرَاهَة توهما من قَائِله أَنه إِنَّمَا يدل على مرجوحية ترك النَّهْي عَنهُ لَا على سَبِيل التحتم وَهَذَا لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيم وَجَوَابه أَن الذَّم من خَصَائِص الْقبْح وَالْمَكْرُوه لَا ذمّ على من أَتَاهُ وَلِأَن السَّابِق إِلَى فهم اللِّسَان الْعَرَبِيّ بِحَسب الظَّاهِر عِنْد التجرد عَن الْقَرَائِن هُوَ الْقبْح المستلزم للذم وَمن ثمَّ يسْتَدلّ بِهِ على التَّحْرِيم وَقيل مُشْتَرك بَينهمَا لاشْتِرَاكهمَا فِي رُجْحَان التّرْك فَجعله لأَحَدهمَا دون الآخر تحكم ورد بِمَا سمعته قَرِيبا ... فِي ذَلِك الْمنْهِي لَا الْفساد ... وَاخْتَارَ ذَا جمع من النقاد ...
وَقَوْلنَا فِي ذَلِك الْمنْهِي يتَعَلَّق بيوجد أَي يُوجد الْقبْح فِي الْمنْهِي عَنهُ بِعَيْنِه وَقَوله لَا الْفساد عطف على الْقبْح أَي لَا أَنه دَلِيل على فَسَاد الْمنْهِي عَنهُ وَهَذِه مَسْأَلَة أَن النَّهْي هَل يدل على فَسَاد الْمنْهِي أَو لَا وَهِي مَسْأَلَة خلاف بسيطة التقاسيم والأطراف وَالَّذِي فِي النّظم أَنه عِنْد نقاد الْعلمَاء لَا يدل النَّهْي على فَسَاد الْمنْهِي عَنهُ فِي الْعِبَادَات وَلَا الْمُعَامَلَات وَهَذَا القَوْل ذهب إِلَيْهِ جمَاعَة وَنقل عَن أَكثر أهل الْأُصُول ودليلهم أَنهم قَالُوا معنى الصِّحَّة فِي الْعِبَادَات أَنَّهَا فعلت على وَجه لايجب مَعَه الْقَضَاء وَمعنى الْفساد فِيهَا وجوب قَضَائهَا لفعلها على غير ذَلِك الْوَجْه