الْوَضع وَإِن كَانَ عَاما فالموضوع لَهُ خَاص فاستعماله فِي بعض أَفْرَاده اسْتِعْمَال فِيمَا وضع لَهُ وَمن الْأَدِلَّة على الْمُخْتَار أَن الْأَوَامِر الشَّرْعِيَّة إِذا أُرِيد مِنْهَا التّكْرَار قيدها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كالأوامر الْوَارِدَة فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يقيدها بِذكر كل يَوْم وَلَيْلَة حَيْثُ أُرِيد تكررها وَكَذَلِكَ أهل اللِّسَان من الْعَرَب لَا يفهمون إِلَّا إِيجَاد الْفِعْل أَلا ترى أَنه لما أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِيجَاب الْحَج سَأَلُوهُ ألعامنا هَذَا نَحْو ذَلِك مِمَّا أقرهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْهَا وَهُوَ لِابْنِ الْحَاجِب أَن مَدْلُول الصِّيغَة طلب مُطلق الْفِعْل والمرة وَنَحْوهَا خارجان عَن حَقِيقَته فَيجب حُصُول الِامْتِثَال لإيجاد الْحَقِيقَة مَعَ أَيهمَا كَانَت وَلَا يتَقَيَّد بِأَحَدِهِمَا دون الآخر وَإِلَّا كَانَ تحكما وَاعْترض بِأَن الدَّلِيل غير الدَّعْوَى إِذْ لم يَقع النزاع إِلَّا فِي ذَلِك فإيراده المصادرة وَأورد أَيْضا ابْن الْحَاجِب دَلِيلا آخر لِلْجُمْهُورِ وَهُوَ معترض أَيْضا وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ غنية فِي ظُهُور كَلَام الْجُمْهُور فَإِنَّهُ أقرب الْأَقْوَال دَلِيلا فَأتى فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال الأول مَا ذَكرْنَاهُ وَالثَّلَاثَة مَعْرُوفَة فِي المطولات ... وَلَا على فَور وَلَا تراخي ... قَالَ بِهَذَا جلة الْأَشْيَاخ ...
عطف على قَوْله وَمَا على الْمرة الخ أَي وَلَا تدل صِيغَة الْأَمر على طلب فعل الْمَأْمُور بِهِ فَوْرًا أَي عقب بُلُوغ صِيغَة الْأَمر إِلَى الْمَأْمُور وَلَا على خِلَافه وَقد اخْتلف فِي ذَلِك فَقَالَ الإِمَام يحيى وَالْمهْدِي والقرشي إِنَّه لَا يدل على غير مُطلق الطّلب يَعْنِي طلب الْفِعْل وَإِلَيْهِ ذهب الرَّازِيّ والآمدي وَابْن الْحَاجِب
وَقَالَت الْمَالِكِيَّة وَبَعض الْحَنَفِيَّة والحنابلة وَجَمَاعَة من الشَّافِعِيَّة قَالَ القَاضِي حُسَيْن وَهُوَ الصَّحِيح من مذهبيهم وَإِلَيْهِ ذهب الْهَادِي وَجَمَاعَة من الْآل إِنَّه يدل على الْفَوْر فَيجب فعله فِي أول أَوْقَات الْإِمْكَان بعد سَماع الْأَمر وَفهم المُرَاد بِهِ وَإِن أخر وَجب فعله فِي الْوَقْت الثَّانِي وَكَانَ بِالتَّأْخِيرِ آثِما