تقدّمت إِشَارَة إِلَى تَوَابِع الْأَحْكَام هَذَا أَولهَا وَهُوَ تَقْسِيم للْوَاجِب بِالنّظرِ إِلَى إِيقَاعه على وقف شُرُوطه وأسبابه الْمُعْتَبرَة شرعا أَعم من أَن تكون عبَادَة أَو مُعَاملَة فانقسم بِهَذَا الِاعْتِبَار إِلَى صَحِيح وباطل الأول الصَّحِيح وَهُوَ لُغَة السَّلِيم وَاصْطِلَاحا مَا أَفَادَهُ النّظم بِأَنَّهُ الْفِعْل الَّذِي وَافق أَمر الشَّارِع أَي مَا كملت فِيهِ الشُّرُوط الَّتِي اعتبرها الشَّارِع كالصلوات بشرائطها من الطَّهَارَة وَستر الْعَوْرَة وَغَيرهمَا وَهَذَا رسمه بِاعْتِبَار الْعِبَادَة وَأما بِاعْتِبَار الْمُعَامَلَة فالصحة فِيهَا ترَتّب الْأَثر الْمَطْلُوب مِنْهَا عَلَيْهَا وَفِي جمع الْجَوَامِع أَن الصِّحَّة مُوَافقَة الْفِعْل ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْع وَقيل فِي الْعِبَادَة إِسْقَاط الْقَضَاء وَفِي الْعُقُود ترَتّب أَثَره عَلَيْهِ وَهُوَ مَا شرع العقد لَهُ كحل الِانْتِفَاع فِي البيع
وَاعْلَم أَنه خص فِي الأَصْل التوابع بِمَا ذكر مَعَ أَن تَقْسِيم الْوَاجِب الَّذِي تقدم آنِفا هُوَ من صِفَات الحكم فَلَو عد من التوابع لَكَانَ صَحِيحا وَهُوَ امْر سهل فَإِنَّهُ اصْطِلَاح وَالْقسم الثَّانِي الْبَاطِل أَفَادَهُ مَعَ الْفَاسِد قَوْله ... نقيضه الْبَاطِل أما الْفَاسِد ... فَقيل قد رادفه فواحد ...
الْبَاطِل لُغَة الذَّاهِب وَاصْطِلَاحا نقيض الصَّحِيح وَيجْرِي فِي الْعِبَادَات والمعاملات أَيْضا فَهُوَ فيهمَا عدم ترَتّب الْأَثر الْمَقْصُود من الْفِعْل عَلَيْهِ فَفِي الْعِبَادَة عدم مُوَافقَة أَمر الشَّارِع أَو عدم سُقُوط الْقَضَاء وَفِي الْمُعَامَلَة عدم حل الِانْتِفَاع بِالْمَبِيعِ وَأما الْفَاسِد فَفِيهِ خلاف مِنْهُم من يَقُول إِنَّه مرادف للباطل فَمَعْنَاه مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْله فواحد أَي فمعناهما وَاحِد وَمن لم يقل بترادفهما رسمه بقوله ... وَقَالَ فِي تَعْرِيفه من يَنْفِي ... مَا شرع الأَصْل بِدُونِ الْوَصْف ...
أَي أَنه عرفه من يَنْفِي الترادف بَينه وَبَين الْبَاطِل ويجعله قسما مُسْتقِلّا بِأَنَّهُ الْمَشْرُوع بِأَصْلِهِ الْمَمْنُوع بوصفه وَهُوَ قَول من يثبت الْوَاسِطَة بَين الْبَاطِل