وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم
وَهُوَ لنا أَيْضا دَلِيل يرتضى
وَلَيْسَ الِاسْتِحْسَان إِلَّا مَا قد مضى
هَذِه إِشَارَة إِلَى نفي مَا قَالَه بعض أَئِمَّة الْأُصُول إِن الِاسْتِحْسَان دَلِيل رَابِع وَقد كثر خوض الْعلمَاء فِيهِ وَالْإِنْكَار على مثبتيه حَتَّى قَالَ الشَّافِعِي من اسْتحْسنَ فقد شرع وَعند التَّحْقِيق لَيْسَ هُنَاكَ مَحل يصلح للنزاع لِأَنَّهُ لَيْسَ الْخلاف فِي إِثْبَات الاحكام بالتشهي وميل النَّفس إِلَى شَيْء بِلَا دَلِيل شَرْعِي وَلَا فِي إِطْلَاق لَفظه إِذْ قد ورد فِي الْقُرْآن {وَاتبعُوا أحسن مَا أنزل إِلَيْكُم} وَفِي كَلَام ابْن مَسْعُود مَا رَآهُ الْمُسلمُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن وَلم يَصح أَنه حَدِيث مَرْفُوع بل الْخلاف رَاجع إِلَى معنى اصطلاحي عِنْد مثبتيه
وَقد عرفه فِي مُخْتَصر الْمُنْتَهى وَغَيره بتعاريف تدل على أَنه لَا يتَحَقَّق اسْتِحْسَان انْفَرد بِهِ الْمُخَالف بل تدل على أَنه رَاجع إِلَى أحد الْأَدِلَّة الْمَاضِيَة وَلذَا قُلْنَا وَلَيْسَ الِاسْتِحْسَان غير مَا مضى أَي مَا هُوَ إِلَّا رَاجع إِلَى حد الْأَدِلَّة الْمَاضِيَة وَقد أَطَالَ ابْن الْحَاجِب ذكر التعريفات لَهُ وردهَا كلهَا بإدخالها فِيمَا مضى وَعدم تحقق الْمُعَرّف بهَا قسما مُسْتقِلّا وَلَا حَاجَة هُنَا إِلَى سردها فَإِن ذكر مَا لَا يُفِيد لَيْسَ مِمَّا يُغير المستفيد وَلما وَقع الْخلاف بَين الْعلمَاء فِي حجية قَول الصَّحَابِيّ أبانه بقوله
أما الصَّحَابِيّ فَعِنْدَ الجله
مذْهبه لَيْسَ من الأدله ... وكالنجوم يقبل التأويلا
لَو صَحَّ فِي إِسْنَاده لقيلا