تصلح أَن تكون هِيَ الدَّاعِي والمقتضي للْحكم وتشريكها فِيهِ ثمَّ إِن من المتماثلات مَا يجوز افتراقها لعدم صَلَاحِية الْجَامِع أَو وجود معَارض فِي الأَصْل أَو فِي الْفَرْع يقْضِي بِعَدَمِ التَّمَاثُل بَينهمَا وخلاصته أَن للْقِيَاس شُرُوطًا واعتبارات لَا بُد من ملاحظتها فِي نظر الْمُجْتَهد فَلَيْسَ مُجَرّد التَّمَاثُل فِي ظَاهر الْأَمر يُوجب الْجمع وَلَا مُجَرّد الِاخْتِلَاف يقْضِي بالافتراق وَقد اسْتدلَّ الْأَكْثَر بأدلة من الْكتاب وَالسّنة كلهَا ظنية الدلالات على التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ وَقد بسطت فِي الْكتب المطولة هِيَ وردودها وَهَذِه الْمَسْأَلَة أصل من الْأُصُول لَا يَكْفِي فِيهَا إِلَّا الدَّلِيل الْقَاطِع وأشف الْأَدِلَّة عِنْدهم هُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلنَا
كَيفَ وَقد أَجمعت الصَّحَابَة
وَهَذِه قَطْعِيَّة الْإِصَابَة ... وشاع فيهم عملا وذاعا
فَكَانَ إِذْ لم ينكروا إِجْمَاعًا
فَقَوله فشارع فيهم الخ عطف تفسيري لقَوْله أَجمعت وَبَيَان لَهُ وَقَوله إِذْ لم ينكروا إِشَارَة إِلَى أَنه إِجْمَاع سكوتي وَهُوَ ظَنِّي الدّلَالَة فأشرنا إِلَى دفع هَذَا بقولنَا وَهَذِه قَطْعِيَّة الْإِصَابَة وَمَعْنَاهُ أَن مثل هَذَا الأَصْل الَّذِي يَدُور عَلَيْهِ أَكثر الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة تقضي الْعَادة بِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا عَن وفَاق مِنْهُم وَإِلَّا لأنكروه هَذَا تَقْرِير مُرَادهم أصل النّظم وَقد أورد عَلَيْهِ أَنه يثبت ذمّ الْقيَاس عَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَأجِيب بِأَنَّهُ ثَبت عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام الْقيَاس بِمحضر من الصَّحَابَة حِين شاورهم عمر فِي زِيَادَة الْجلد على الْأَرْبَعين فَقَالَ عَليّ أَنه إِذا شرب هذى وَإِذا هذى افترى فَأرى عَلَيْهِ حد الْفِرْيَة قَالُوا هَذَا قَالَه بِمحضر من الصَّحَابَة وَعمل بِهِ عمر وَأجِيب بِأَن هَذَا لَا يَصح عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام كَيفَ وَمَعْنَاهُ غير وَاضح بالمراد فَإِن الهاذي غير مُكَلّف وَلَا حد فِي قذفه إِذا أُرِيد بالافتراء الْقَذْف وَإِلَّا فَهُوَ أَعم مِنْهُ وَقد أورد على هَذَا