وَمُدَّة خلَافَة الْحسن عَلَيْهِ السَّلَام وَلكنهَا لما لم تطل وَلم تظهر آثارها لم يعْتد بهَا ورد بِأَنَّهُ بَاطِل لِأَنَّهُ من جملَة الْخُلَفَاء بِالنَّصِّ على الْمدَّة وَلَا تكتمل إِلَّا بالاعتداد بخلافته وَبِأَنَّهُ لم يعرف فِي الصَّحَابَة القَوْل إِن مَا اتّفق عَلَيْهِ الْأَرْبَعَة خلفاء فَهُوَ إِجْمَاع بل خَالف ابْن عَبَّاس جَمِيع الصَّحَابَة فِي عدَّة مسَائِل وَكَذَلِكَ ابْن مَسْعُود وَغَيرهمَا وَلم يقل أحد إنَّهُمَا خالفا إِجْمَاع الْخُلَفَاء فَالْحَدِيث مَحْمُول على بَيَان أَن الْخُلَفَاء أهل للاقتداء بهم ثمَّ إِن هَا هُنَا دقيقة لم يتفطن لَهَا المستدلون بِهَذَا الحَدِيث وَلَا يعرفهُ إِلَّا أَفْرَاد الناظرين وَهُوَ أَن الِاقْتِدَاء حَقِيقَة هُوَ أَن تعْمل مثل عمل من اقتديت بِهِ وَلذَا قَالَ أَئِمَّة الْأُصُول إِن شَرطه مُوَافَقَته حَتَّى الْمُوَافقَة فِي النِّيَّة فَلَو صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ بنية الْفَرْض وصليناهما بنية النَّفْل لم نَكُنْ مقتدين وَلذَا قَالَ الْعَلامَة الْكَبِير مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْوَزير رَحمَه الله فِي أبياته الدالية

من قلد النُّعْمَان أضحى شاربا

لمثلث رِجْس خَبِيث مُزْبِد ... وَلَو اقْتدى بِأبي حنيفَة لم يكن

إِلَّا إِمَامًا رَاكِعا فِي الْمَسْجِد

يُرِيد النُّعْمَان أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ بِجَوَاز شرب المثلث وَلم يشربه فَمن شربه لم يكن مقتديا بِأبي حنيفَة وَإِن كَانَ مُقَلدًا لَهُ فالاقتداء غير التَّقْلِيد وَكَذَلِكَ من ترك السّنَن النَّبَوِيَّة واشتغل بالمباحات لم يكن مقتديا بِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الَّذِي أَبَاحَهَا وَإِلَى مثل كَلَامه رَحمَه الله قُلْنَا فِي ذمّ التَّقْلِيد فِي الأبيات النجدية

وشتان مَا بَين الْمُقَلّد فِي الْهدى

وَمن يَقْتَدِي والضد يعرف بالضد ... فَمن قلد النُّعْمَان أصبح شاربا

نبيذا وَفِيه القَوْل للْبَعْض بِالْحَدِّ ... وَمن يَقْتَدِي أضحى إِمَام معارف

وَكَانَ أويسا فِي اعبادة والزهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015