قَالَ ابْن تَيْمِية فِي بعض رسائله إِن السّلف إِنَّمَا كَانُوا يُنكرُونَ على من شَذَّ عَن الْجَمَاعَة فِي مبايعة الإِمَام وَلُزُوم جمَاعَة الْمُسلمين وعَلى من يعتزل الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة كَمَا أَنْكَرُوا على سعد تخلفه عَن بيعَة أبي بكر وَعمر وكما سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن رجل يقوم اللَّيْل ويصوم النَّهَار وَلَا يشْهد جُمُعَة وَلَا جمَاعَة فَقَالَ هُوَ فِي النَّار وَهَذَا هُوَ معنى مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يَد الله على الْجَمَاعَة وَقَالَ إِن الشَّيْطَان ذِئْب الْإِنْسَان كذئب الْغنم وَالذِّئْب إِنَّمَا يَأْخُذ القاصية والناجية فَإِنَّمَا ذَلِك أَمر باجتماع الْمُسلمين على أَمر دينهم ودنياهم وَأَن لَا يتفرقوا ويتباغضوا بالتفرق والتهاجر بل عَلَيْهِم أَن يوالي بَعضهم بَعْضًا ويتحابوا ويتناصحوا انْتهى
فَحمل الْأَحَادِيث على مَا ترَاهُ وَنعم مَا قَالَ ... وَلَيْسَ بِالشّرطِ انْقِرَاض الْعَصْر ... وفقد سبق بِخِلَاف يجْرِي ...
هَذِه إِشَارَة إِلَى مَسْأَلَتَيْنِ
الأولى أَنه لَا يشْتَرط فِي انْعِقَاد الْإِجْمَاع انْقِرَاض عصر المجمعين بل إِذا اتَّفقُوا على حكم كَانَ حجَّة عَلَيْهِم وعَلى غَيرهم وَلَا يجوز لَهُم وَلَا لغَيرهم مُخَالفَته وَالدَّلِيل على هَذَا مَا سبق من أَدِلَّة ثُبُوت حجية الْإِجْمَاع من دون شَرط انْقِرَاض أهل عصره
وَالْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَنه لَا يشْتَرط فِي انْعِقَاده عدم سبق خلاف يجْرِي بَين الْأمة وَذَلِكَ نَحْو أَن يفْتَرق أهل عصر على قَوْلَيْنِ فَيَأْتِي أهل الْعَصْر الآخر