ثُبُوت حجيته وَهِي مَحل نزاع ثمَّ إِن الْحَاجة إِلَى نقل الْقَاطِع لَيْسَ هُوَ الْحَاجة إِلَى دفع الْخلاف بل نفس ضروريته من الدّين الَّتِي لَا يُمكن خفاؤها على مُسلم فضلا عَن مُجْتَهد وَعَن الثَّانِي لِأَن الدَّلِيل الظني قد يكون جليا فَلَا يبعد الِاتِّفَاق على مَدْلُوله وَأجِيب بِأَن جلاء الْمَدْلُول لَا يسْتَلْزم جلاء السَّنَد للْخلاف فِي شُرُوط الرَّاوِي وَالرِّوَايَة وَمِقْدَار الروَاة والمذاهب فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَغير ذَلِك فيستحيل الِاتِّفَاق مِنْهَا على غير ضَرُورِيّ اسْتِحَالَة بعض الْعُلُوم العادية وَأما فِي نَقله عَنْهُم لوُقُوع فمستحيل أَيْضا لخفاء بَعضهم أَو انْقِطَاعه أَو أسره أَو خموله أَو كذبه أَو عدم نظره أَو الرُّجُوع عَن النّظر قبل قَول الآخر ثمَّ النَّقْل

أما الْآحَاد فَلَا يُفِيد وَأما التَّوَاتُر فبعيد وَقد أُجِيب بِعَدَمِ الاستحالة مُسْندًا بالوقوع أَيْضا للْقطع بإجماعهم على تَقْدِيم النَّص الْقَاطِع على الْمَضْمُون وَهَذَا جَوَاب بَاطِل لِأَن تَقْدِيم الْقَاطِع على المظنون بضرورة الْعقل والنزاع فِي الشرعيات وَالْحجّة الضَّرُورَة كَمَا علمت لَا الْإِجْمَاع وَمن تتبع كَلَام الْقَائِلين لثُبُوت الْإِجْمَاع علم أَنه لَا يتم الدَّلِيل على دليليته وَلَا على وُقُوعه وتحققه وَأما قَول بَعضهم بِإِثْبَات الْوُقُوع أَنهم أَجمعُوا على اسْتِقْبَال الْكَعْبَة فَهَذَا مِمَّا علم أَنهم أَجمعُوا عَلَيْهِ وَلنَا علم بضرورة الْعقل وَالشَّرْع وَهُوَ علمنَا بِأَنَّهُم عقلاء وَأَنَّهُمْ أَيْضا لَا يكذبُون الشَّارِع لِأَن رد الضَّرُورَة الشَّرْعِيَّة بِمَنْزِلَة التَّكْذِيب وَلِهَذَا يكفرون من جحد ضَرُورِيًّا من الدّين فِيمَا أبعد دَعْوَى وُقُوع الْإِجْمَاع الْمُحَقق فِي الصَّحَابَة وأكذبها مِمَّن بعدهمْ فَلَو ساءلت مدعي وُقُوع الْإِجْمَاع الْمُحَقق عَن محَال الْمُسلمين وبلدانهم بل أوسع من ذَلِك من خطط الأَرْض الإسلامية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015