مَا لم يغلب فِي ظَنّه أَنه قد حصل فِيهِ تَحْرِيف أَو تَصْحِيف أَو زِيَادَة أَو نُقْصَان إِذْ الأَصْل السَّلامَة وَقد صَحَّ لَهُ أَنه كِتَابه فَجَاز لَهُ الْإِضَافَة إِلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يحكيه مذهبا لمصنفه إِلَّا حَيْثُ علم أَو غلب فِي ظَنّه أَنه لَا قَول لَهُ سواهُ
الثَّانِي أَن لَا يجوز على نَفسه تَصْحِيف مَا يحكيه وَمَعْرِفَة ذَلِك مُمكنَة لَا سِيمَا فِي العقليات
الثَّالِث أَن لَا يغلب فِي ظَنّه أَن المُصَنّف لَا يرضى بحكاية ذَلِك القَوْل عَنهُ بل يكره ذَلِك لغَرَض ديني أَو دُنْيَوِيّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون بِمَنْزِلَة من استودع أَخَاهُ سرا فأذاعه اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون فِي كتمه مفْسدَة أَو تَدْلِيس أَو أَي وَجه من وُجُوه التلبيس المخلة بِالدّينِ فَإِنَّهُ لَا يجوز حِينَئِذٍ كِتْمَانه
وَأما الْكتب الْمَوْضُوعَة فِي الْعُلُوم النقلية فَاعْلَم أَن كل من تصدى لتصنيف كتاب فِي الْعُلُوم الدِّينِيَّة فَإِنَّمَا يُرِيد بتصنيفه إِفَادَة الْمُسلمين وهدايتهم فَإِذا كَانَ كَذَلِك فإمَّا أَن يعلم من قَصده أَنه لم يحْجر أحدا من الْمُسلمين عَن رِوَايَته عَنهُ بل أَرَادَ مِنْهُم أَن يَأْخُذُوا بِهِ ويرووه عَنهُ فَهُوَ فِي حكم الْمُجِيز لكل الْمُسلمين أَن يرووه عَنهُ بِشَرْط أَمَان التَّصْحِيف والتحريف فَإِذا عرفت ذَلِك فَلِكُل أحد أَن يَأْخُذ عَن ذَلِك الْكتاب بِشُرُوط ثَلَاثَة
الأول أَن يكون النَّاظر فِيهِ من أهل البصيرة الوافية فِيمَا تضمنه الْكتاب من الْفُنُون ليأمن من الْغَلَط فِي نَقله للمعنى الْمَأْخُوذ
الثَّانِي أَن لَا يروي مَا أَخذه من ذَلِك الْكتاب على وَجه التحديث عَنهُ بل يَقُول قَالَ فِي الْكتاب الْفُلَانِيّ أَو رَوَاهُ فلَان فِي كِتَابه الْفُلَانِيّ وَله أَن يرويهِ مذهبا لَهُ حَيْثُ تَيَقّن أَنه المُصَنّف وَلَو جوز أَن لَهُ قولا آخر مَا لم يغلب فِي ظَنّه أَنه قَول الْقَدِيم
الثَّالِث أَن يكون آمنا فِيمَا نَقله من ذَلِك الْكتاب إِذا رَوَاهُ من كَون غَيره قد ضبط تِلْكَ الْأَلْفَاظ ضبطا يخرج بِهِ عَن مُرَاد المُصَنّف وَذَلِكَ لَا يخفي على ذِي