التَّأْوِيل الْمَنْصُور بِاللَّه وَالْقَاضِي زيد وَجَمَاعَة ثمَّ إِن الْأَدِلَّة الدَّالَّة على قبُول خبر الْآحَاد لم تفصل فَهِيَ شَامِلَة لأهل التَّأْوِيل ثمَّ إِن الِاعْتِمَاد عندنَا على صدق الرواي بعد تحقق إِسْلَامه كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي ثَمَرَات النّظر وَغَيرهمَا وَلما كَانَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم هم أول الروَاة للشريعة النَّبَوِيَّة وعنهم تلقاها الْأمة احْتِيجَ إِلَى بَيَان حَقِيقَة الصَّحَابِيّ وعدالته فَقُلْنَا
وَمن يطلّ للمصطفى المجالسة
مُتبعا لشرعه مذ جالسه ... فَهُوَ الصَّحَابِيّ وهم عدُول
إِلَّا الَّذِي يأيى وهم قَلِيل
اشْتَمَل البيتان على مَسْأَلَتَيْنِ
الأولى فِي حَقِيقَة الصَّحَابِيّ وَالْمرَاد بِهِ هُنَا من صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَثبتت لَهُ أَحْكَام الصُّحْبَة وَلَفظ الصَّحَابِيّ قد صَار عِنْد الْإِطْلَاق كَالْعلمِ بالغلبة لَا يتَبَادَر مِنْهُ إِلَّا من صَحبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالْمُرَاد بالصحابي فِي النّظم الشَّخْص الْمَنْسُوب إِلَى صحبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيشْمَل الْمَرْأَة الصحابية وَلما صَار كَالْعلمِ بالغلبة فَلَا بُد من اعْتِبَار طول المجالسة والملازمة إِذْ الْغَلَبَة إِنَّمَا تكون بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فِي الشَّيْء حَتَّى إِنَّه يصير مُخْتَصًّا بِهِ من بَين أَفْرَاد مَا يُطلق عَلَيْهِ وَلَا يحْتَاج إِلَى قرينَة عِنْد الْإِطْلَاق فَهُوَ كالإضافة وَلَا عهد إِلَّا لمن طَالَتْ مُجَالَسَته لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقولك صَاحب رَسُول الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وصحابي مستويان فِي أَنه يشْتَرط فيهمَا طول الْمُلَازمَة بِحَيْثُ لَا يحْتَاج إِلَى قرينَة عِنْد الْإِطْلَاق فَظهر بِهَذَا صِحَة اشْتِرَاط طول الْمُلَازمَة فِي الصَّحَابِيّ كَمَا هُوَ نَص النّظم وَهَذَا الْكَلَام كُله لفظ الصاحب فَإِنَّهُ لُغَة يُطلق لأدنى مُلَابسَة وَلَو بَينه وَبَين الجماد نَحْو يَا صَاحِبي السجْن وَكَذَلِكَ