الجُزئي لمصلحةِ الزَّوج- إسقاطٌ لهذا البَذْل الذي بذلته المرأة, وإلغاءٌ له بالكُليّة, وهذا بعيدٌ مِن المعاني الشرعيّة.
- كما أنّ في ترجيح هذا الرأي توسطٌ في دفع الضرر عن الزوجين معًا, فإن المرأة إذا كانت ذاتَ تجارةٍ أو مالٍ (ولو كان يسيرًا) فإن مراعاتها له فيه مصلحةٌ بيّنة, بخلاف مَا إذا مُنعت مِن مراعاته فإن فيه إضرارًا بها. وقد يؤدي ذلك إلى تعسّف بعضِ الرِّجال في استعمال حقّه بالإذن للإضرار بالمرأة والتضييق عليها.
ومثلُهُ يتصوّر في الوظائفِ وعقودِ العمل, فقد تكون المرأة لم يبقَ لها إلا فترةٌ يسيرة وتستحق مكافأة نهاية الخدمة أو الراتب التقاعدي, ففي انقطاعها إضرارٌ بها.
وقد أشار بعض الفقهاء إلى أن المعنى في النفقة إنما هو حقّ المرأة في الأساس بحيث لا يدخل عليها إضرارٌ في مالِها بعد زواجها; قال ابن نُجيم (ت 970 هـ): (وإنما أكثرنا من هذه المسائل تنبيهًا للأزواج لما نراه في زماننا مِن تقصيرهم في حقوقهنَّ حتى إنه يأمرُها بفرشِ أمتعتها جبرًا عليها وكذلك لأضيافِه .. حتى كانت عند الدخول غنية صارت فقيرة, وهذا كله حرام لا يجوز, نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا) (?).
وفي المقابل فإن مصلحة الزوجِ لم تُلغَ بل رُعيت بوجود التمكين والسَّكن في بعض اليوم, وخُفف عنه في قدر النفقة الواجبة شرعًا في مُقابل هذا النقص في التمكين.
- وأيضًا فإن هذا القول فيه مراعاةٌ لأعرافِ هذا الزمان, إذ معيشةُ كثيرٍ من الأُسر موغلةٌ في الكَمَاليّات والتّحسينيات التي لا يَلزَم الزوجَ أن يوفّرَها لزوجتِه في النفقة الواجبة, وإنما هي من الإحسان منه إليها. فربما كان في عمل المرأةِ وكسبِها سدادٌ لحاجتها من هذا الباب الذي أُغرق الناس فيه.