وأبي زرعة، والدارقطني)) (?)
ثم ان معرفة علل الحديث من الأمور التي لا تنال الا بممارسة كبيرة في الاعلال والتضعيف ومعرفة السند الصحيح من الضعيف، فمن أكثر الاشتغال بعلم الحديث وحفظ جملة مستكثرة من المتون حتى اختلطت بلحمه ودمه وعرف خفايا المتون والأسانيد ومشكلاتها استطاع أن يميز الحديث الصحيح من الحديث المعل، ولذا يقول الربيع بن خيثم: ((ان للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه وظلمة كظلمة الليل تنكره)) (?) .
ثم على الباحث قبل أن يحكم على حديث بعلة أن يجمع طرق الحديث ويستقصيها من الجوامع والمسانيد والأجزاء، ويسبر أحوال الرواة فينظر في اختلافهم وفي مقدار حفظهم ومكانتهم من الضبط والاتقان، وعند ذلك وبعد النظر في القرائن يقع في نفس الباحث الناقد أن الحديث معل بارسال في الموصول أو وصل في المرسل أو المنقطع، أو سقوط رجل بسبب التدليس، أو وقف في المرفوع، أو معارضة بما هو أقوى لا تحتمل التوفيق، أو دخول حديث في حديث أو وهم أو ما أشبه ذلك من العلل القادحة، ثم يغلب على ظنه ذلك فيحكم بعدم صحة الحديث أو يتردد فيه فيتوقف عن الحكم، وقد يغلب ظن الناقد علة في الحديث ثم تقصر عبارته عن اقامة الحجة في دعواه فيعله بغير قادح، أو يعله من غير أن يفصح عن القادح، لكنه يحس في نفسه احساسا لا دافع له بان في هذا الحديث علة كاحساس الجوهري الحاذق بزيف الزائف، مما يجعله يرى في نفسه أن ذلك كاف للاعلال كالاعلال بالتفرد؛ لذا قال