أعرف علة حديث واحد أحب الي من أن أستفيد عشرة أحاديث)) (?) .
ويزيد هذا العلم أهمية أنه من أشد العلوم غموضا، فلا يدركه الا من رزق سعة الرواية، وكان مع ذلك حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر، واسع المران.
قال أحمد بن صالح المصري (?) : ((معرفة الحديث بمنزلة الذهب والشبه فان الجوهر انما يعرفه أهله، وليس للبصير فيه حجة اذا قيل له: كيف قلت: ان هذا الجيد والرديء)) (?) لذلك فان وجود العارفين في فن العلل بين العلماء عزيز؛ قال ابن رجب: ((وقد ذكرنا فيما تقدم في كتاب العلم شرف علم العلل وعزته، وأن أهله المحققين به أفراد يسيرة من بين الحفاظ وأهل الحديث، وقد قال أبو عبد الله بن مندة (?) الحافظ: انما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرا يسيرا من كثير ممن يدعي علم الحديث)) (?)
وقال الحافظ ابن حجر: ((المعلل من أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم بها الا من رزقه الله تعالى فهما ثاقبا وحفظا واسعا ومعرفة تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه الا القليل من أهل هذا الشأن: كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن أبي شيبة، وأبي حاتم،