كان محتم على الناظر والباحث في مصنفات شُرَّاح الحديث من علماء الأمة الإسلامية أن يعي أنهم استخدموا تاريخ النصوص في بيان حقائق علمية، واستنباط الأحكام، والتَّرجيح بين المرويَّات، وبيان المشكل من السُّنّة؛ فكان من أصعب المهمات على الباحث أَنْ يثبت أنهم استخدموا ذلك العلم العزيز، ولاسيما في بيان تحديدهم لتاريخ النصوص الحديثية بطريقة علمية وتوثيق ذلك، فإذا ظهر هذا فإنَّهُ يَقُودنا إلى سؤالٍ غاية في الأهمية وهو هل يمكن تحديد جميع تواريخ النُّصُوص الحديثية؟ ، في الحقيقة إننا نجد صعوبة في الموافقة على هذا القول؛ لأنَّ كثيرًا من النصوص الحديثية لا يُعْلَم لها تَارِيخٌ يمكن الاعتماد عليه في تحديد تاريخ النَّص؛ على الرَّغم من أننا بالقطع نَجْزم أنَّ هذه الأحداث قد وقعت في زمنٍ محددٍ وكانت في عهد النَّبُوة، ومِن الصُّعوبات التي واجهتني أيضا التَّفريق بين علمي النَّاسخ والمنسوخ وعلم تاريخ النص الحديثي، وقد بينته في موضعه بفضل الله تعالى.
لم أجد دراسات جديدة سابقة متصلة بهذه الدراسة بالتحديد مع طول تفتيش.
تحديد نطاق البحث:
إنَّ تحقيق واستخراج ما أَجملَه علماء الحديثِ في مصنفاتهم عملٌ ضخمٌ كبير، ولاسيما استخراج ذلك من أغوار البحار العميقة، أو إظهار فَن مِن أبدع فنونهم المملوءة بالذخائر والنَّفائسِ، وسوف أُحَاول في هذه الدِّراسة توضيح كيفية استخدام علماء الحديث لِتَارِيخ النُّصُوصِ فِي بَيان أوجه المعاني؛ لِيَظهر للدَّارس أو الباحث كنوز وذخائر هذا العلم.