وليس المراد هاهنا القيامة الكبرى؛ لأنَّ قوله:”وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون” لا يعني الكلّ، وما ورد من الإشارة إلى الحياة الأبديَّة، والعار الأبديّ، يُحمل على الثواب والعقاب الدنيويّ في عهد المخلِّص المنتظر عند اليهود؛ لأنَّنا نجد في كتاب (دانيال) نصوصاً كثيرةً تُصرِّح بأبديَّة مملكة المخلِّص المنتظر1
وقد ورد في سفر (حزقيال) وصفٌ دقيقٌ لكيفيَّة رجعة اليهود إلى الدنيا، وكيف تتجمَّع العظام، ثمّ تُكسى باللحم والعصب والجلد، ثمّ تدخل الروح في البدن، وتنشق القبور، ويخرج الأمواتُ منها: “.. فدخل فيهم الروح، فحيوا، وقاموا على أقدامهم، جيشٌ عظيمٌ جداً جداً. ثمّ قال لي: يا ابن آدم! هذه العظام هي كلّ بيت إسرائيل. هاهم يقولون: يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا، قد انقطعنا. لذلك تنبّأ وقل لهم: هكذا قال السيّد الربّ: ها أنذا أفتح قبوركم، وأُصعدكم من قبوركم يا شعبي، وآتي بكم إلى أرض إسرائيل”2.
والنَّصارى ـ أيضاً ـ يعتقدون برجعة المسيح عليه السلام ـ ومعه جماعة كبيرة ممَّن ماتوا ـ إلى دار الدنيا، قبل يوم القيامة، ولعلّ في رسالة (بولس) ـ الأولى ـ إلى أهل (تسالونيكي) ما يوضِّح ذلك، وممَّا جاء فيها: “ ثمّ لا أُريد أن تجهلوا أيُّها الإخوة من جهة الراقدين ـ الأموات ـ، لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم؛ لأنَّه إن كنَّا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون سيُحضرهم الله أيضاً معه”3.