الياء وللمناسبة الصوتية. وهذا الإتباع تحقق به التخلص من الثقل، والمناسبة للذوق، والتيسير للأداء الصوتي.
والذي يدل على أن أصل بنائه الضم مجيء القراءة بضمه على الأصل مع أن ما قبله ياء وذلك في قراء حفص لقوله تعالى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ}، وقوله تعالى: "عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ" (?).
قال ابن خالويه:" "وما أنسانيه" يقرأ بضم الهاء وكسرها مختلستين، فالحجة لمن ضم أنه أتى بلفظ الهاء على أصل ما وجب لها، والحجة لمن قرأه بالكسر فلمجاورة الياء، ومثله "ومن أوفى بما عاهد عليه الله" (?).
ويعلل أبو زرعة قراءة الضم فيذهب مذهبا غريبا إذ يقول: "وإنما عدل عن كسر الهاء إلى الضم لما رأى الكسرات من أنسانيه وكانت الهاء أصلها الضم رأى العدول إلى الضم ليكون أخف على اللسان من الاستمرار على الكسرات ومن كسر فلمجاورة الياء " (?). فهو يزعم أن قراءة الضم أخف من قراءة الكسر، وهذا لا يتفق مع معطيات الدرس الصوتي الحديث، والذي يصرح بأن الكسر أخف من الضم، وأن الحركات المتماثلة أخف في النطق إذا تجاورت.
أما السمين فيرى أن الضم في {وَمَآ أَنْسَانِيهُ}؛ سببه أنَّ الياءَ أصلُها الفتح والهاءُ بعد الفتحةِ مضمومةٌ فنظر هنا إلى الأصل. وأمَّا في "عَلَيْهُ اللَّهَ"؛ فلأنَّ الياءَ عارضةٌ إذ أصلُها الألفُ، والهاءُ بعد الألف مضمومةٌ فنظر إلى الأصلِ أيضاً (?).