وتَكْلِمُ الكافرَ أو الفاجرَ تَجْرَحُهُ". وقال أبو حاتم "تُكَلِّمُهُمْ" كما تقول تُجَرِّحُهُمْ يذهب إلى أنه تكثير من تكلمهم" (?).
ومعنى ذلك أن "تُكَلِّمُهُمْ" مشترك لفظي بين أصلين مختلفين هما: الكَلْمِ والكَلَامِ، وأن المعنى يحتمل التأويلين لذلك قيل بهما جميعا، وهذه ميزة في النص القرآني أن الكلمة الواحدة قد تعطي أكثر من معنى في النص الواحد.
• (أَفَتَمْرُونَهُ) (?): قراءة في قوله تعالى: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} (?).
[التاج: مري].
وجه الزبيدي القراءة السابقة على معنى: "مَرَاهُ حَقَّهُ: جَحَدَهُ، أي أَفَتَجْحَدُونَهُ أو تَدْفَعُونَهُ عما يرى، أو أَفَتَغْلِبُونَهُ في المماراة مع ما يرى من الآيات، أو أَفَتَطْمَعُونَ في غَلَبَتِهِ أو تَدَّعُونَهَا مع ما يرى، وهو إنكارٌ لِتَأَتِّي الغَلَبَةُ وهو مجاز".
وأما قراءة الجمهور: "أَفَتُمَارُونَهُ" فقد جعله من: ماراه مماراة ومراء: جَادَلَهُ ولاحَهُ، والمعنى على ذلك عنده: أَفَتُلاحُونَهُ مع ما يرى من الآيات المُثْبِتَةِ لِنُبُوَّتِهِ وهو مجاز". [التاج: مري]
إذن القراءتان تنتميان إلى أصلين مختلفين في اللفظ والمعنى هما:
الأول: قراءة "أَفَتُمَارُونَهُ" أي: (تُفاعلونه) من مَارَى يُمَارِي مِرَاءً: جادل.
والثاني: قرأءة "أَفَتَمْرُونَهُ" أي: تجحدونه، من قولهم: مَرَيْتُ حَقَّهُ أَمْرِيهِ مَرْيَاً، أي: جَحَدْتُهُ.
ويصحح الطبري المعنى على القراءتين فيقول: والصواب من القول في ذلك: أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، وذلك أن المشركين قد جحدوا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أراه الله ليلة أُسري به، وجادلوا في ذلك، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: أفتجادلون أيها المشركون محمدا - صلى الله عليه وسلم - على ما يرى مما أراه الله من آياته" (?).