مستعينا بسياق الحال وسبب النزول، وبقرينة قراءة أهل المدينة التي لا تقبل إلا هذا المعنى.
• (تَكْلِمُهُمْ) (?): قراءة في قوله تعالى: {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} (?). [التاج: كلم].
وجه الزبيدي القراءة السابقة على أنها من كَلَمَ يَكْلِمُ بمعنى جَرَحَ، أي: تَجْرَحُهُمْ وتَسِمُهُمْ في وُجُوهِهِمْ. وقيل: "تُكَلِّمُهُمْ" و"تَكْلِمُهُمْ" سواء كما تقول: تَجْرَحُهُمْ وتُجَرِّحُهُمْ ". [التاج: كلم]. ومعنى هذا أن في "تُكَلِّمُهُمْ" وجهين (?):
الأول: أنها من الكَلام أي تحدثهم وتخبرهم، وهذا هو الظاهر وما عليه الجمهور. الثانى: أنها من الكَلْمِ أي من الجَرْحِ، والتشديد للمبالغة، وسيما قرئت "تُكَلِّمُهُمْ" أو "تَكْلِمُهُمْ" فإنه يمكن حملها على معنى الجَرْحِ.
يقول أبو حيان في تفسيره: "والظاهر أن قوله: "تُكَلِّمُهُمْ" بالتشديد وهي قراءة الجمهور، من الكلام؛ ويؤيده قراءة أُبَيٍّ: "تُنْبِئُهُمْ"، وفي بعض القراءات: "تُحَدِّثُهُمْ"، وهي قراءة يحيى بن سلام ... قال السُّدِّيُّ: تُكَلِّمُهُمْ بِبُطْلَانِ سَائِر الأديان سوى الإسلام. وقيل: تُخَاطِبُهُمْ، فتقول للمؤمن: هذا مؤمن وللكافر: هذا كافر. وقيل معنى "تُكَلِّمُهُمْ": تُجَرِّحُهُمْ من الكَلْمِ، والتشديد للتكثير؛ ويؤيده قراءة ابن عباس ... "تَكْلِمُهُمْ"، بفتح التاء وسكون الكاف مخفف اللام، وقراءة من قرأ: "تَجْرَحُهُمْ" مكان "تُكَلِّمُهُمْ". وسأل أبو الحوراء ابن عباس: تُكَلِّمُ أو تَكْلِمُ؟ فقال: كل ذلك تفعل، تُكَلِّمُ المؤمن وتَكْلِمُ الكافر" (?).
ويأخذ النحاس بتفسير ابن عباس الذي يقول بإفادة الكلمة للمعنيين معا فيقول:" "تُكَلِّمُهُمْ" قال عكرمة أي تَسِمُهُمْ. وفي معنى "تُكَلِّمُهُمْ" قولان: فأحسن ما قيل فيه ما روي عن ابن عباس قال: هي والله تُكَلِّمُهُمْ وتِكْلِمُهُمْ، تُكَلِّمُ المؤمنَ،