وثالثها: أنه بعد فترة يغيب كل شيء منه في التراب فلا يَتَبَيَّنُ منه شيء. وقد راعت كل قراءة معنى من هذه المعاني، وطورا من هذه الأطوار، وكلها تَدُلُّ على المعنى المراد من الآية، وهو إنكار الكافر للبعث بعد الموت والبلى.
• (يَنْقاصَ (?)، ويَنْقَاضَ (?)) قراءتان في قوله تعالى: {جِدَارَاً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} (?). [التاج: قيص، وقيض].
فأما قراءة: "يَنْقاصَ" بقاف بعدها الألف وصاد فوجهه: التقيص وهو التهدم، أو الانشقاق طولا، قال صاحب التاج: قاصَ الضِّرْسُ وانْقَاصَ وتَقَيَّصَ إِذا انْشَقَّ طُولاً فسَقَطَ. وتَقَيَّصَتِ البِئْر إِذا مَالَتْ وتَهَدَّمَتْ وكذا الحائطُ. قال الأَصْمَعِيّ: المُنْقاصُ: المُنْقَعِرُ من أَصْلِه". [التاج: قيص]
وأما قراءة: "يَنْقاضَ" فوجهها أنها من التقيض وهو التهدم قال صاحب التاج: "وتَقَيَّضَ الجِدارُ: تَهَدَّمَ وانْهالَ كانْقَاضَ. قالَ أَبو زيدٍ: انْقَاضَ الجدارُ انْقِياضاً: تصَدَّعَ من غيرِ أَن يسقُطَ فإنْ سَقَط قيلَ: تَقَيَّضَ. قُلْتُ: وانْقَاضَ ذو وجهَيْنِ يُذْكَرُ في الواوِ وفي الياءِ. وروى المُنْذِرِيُّ عن أَبي عَمْرٍو: انْقَاضَ وانْقَاصَ بمعنًى واحدٍ أَي انْشَقَّ طولاً. وقال الأَصْمَعِيّ: المُنْقاضُ: المُنْقَعِرُ من أَصلِهِ. والمُنْقاصُ: المُنْشَقُّ طُولاً ... وقال اللَّيْثُ: انْقَاضَ الحائِط إِذا انْهَدَمَ من مكانِهِ من غيرِ هَدْمٍ فأَمَّا إِذا هَوَى وسَقَطَ فلا يُقَالُ إلاَّ انْقَضَّ". [التاج: قيض]
وقال السمين: " قرأ الزُّهْري "أنْ يَنْقَاضَ" بألفٍ بعد القاف. قال الفارسيُّ: "هو مِنْ قولهم قِضْتُه فانقاضَ" أي: هَدَمْتُه فانهدم". قلت: فعلى هذا يكونُ وزنُه (يَنْفَعِل). والأصل انْقَيَض فَأُبْدِلَت الياءُ ألفاً. ولمَّا نَقَل أبو البقاء هذه القراءةَ قال: "مثل: يَحْمارّ"، ومقتضى هذا التشبيه أن يكونَ وزنُه (يَفْعالَّ). ونقل أبو البقاء أنه قُرِئ كذلك بتخفيف ِالضاد قال: "وهو مِنْ قولِك: انقاضَ البناءُ إذا تهدَّم" (?).