وكان إحكام العربية مدعاة لحذق الفن وعلم القراءة، كما جاء في ترجمة أبي سعيد الذي قيل عنه "كان رأسا في نحو البصريين، تصدر لإقراء القراءات واللغة، والفقه، والفرائض، والعربية، والعروض. قرأ القرآن على ابن مجاهد، واللغة عن ابن دريد، والنحو عن أبي بكر بن السراج " (?). وقد وُصِفَ يوسف بن إبراهيم بإحكام العربية (?).
وكان القراء سابقا يبذلون ما يملكونه في سبيل إتقان العربية، قال خلف بن هشام (150 - 229هـ (: "أشكل علي باب من النحو، فأنفقت ثمانية آلاف درهم حتى حذقته " (?). وكانوا يُعْنَوْنَ بمعرفة من أَخَذَ عنهم القَارِئُ عِلْمَ العربيةِ: النحوَ، واللغةَ، والأدبَ، والمعاني.
والتميز في علوم العربية مدعاة الاستقلال، والانفراد بالقراءة، ومدعاة للاجتهاد في الاختيار "قيل: إن وَرْشَاً لما تعمق في النحو اتخذ لنفسه مَقْرَأَ وَرْشٍ، فلما جِئْتُ (القائل أبو يعقوب الأزرق) لأقرأ عليه قلت له يا أبا سعيد: إني أحب أن تُقْرِئَنِي مَقْرَأَ نافعٍ خالصاً، وتَدَعُنِي مما استحسنتَ لنفسك، فَقَلَّدْتُهُ مَقْرَأَ نَافِعٍ" (?).
ويظهر من النصوص السابقة أنهم ما كانوا يقنعون بإتقان علوم العربية صناعة، بل كانوا يطلبون الفصاحة، وكانت الفصاحة قبل أن تدون علوم العربية وقالوا عن عاصم بن أبي النجود: "جمع بين الفصاحة، والإتقان والتحرير، والتجويد، وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن. قال أبو إسحاق السبيعي: ما رأيت أحداً أقرأ للقرآن من عاصم بن أبي النجود. وقال حسن بن صالح: ما رأيت أحداً قط كان أفصح من عاصم، إذا تكلم كاد يدخله خيلاء" (?). و" كان أحمد بن عبد العزيز من أطيب الناس صوتا، وأفصحهم أداء" (?). وقد وصف عبد الوارث التنوري بالفصاحة والبلاغة، قال أبو عمر الجرمي: "ما رأيت فقيها أفصح