وفي هذا الموضع ينقل الزبيدي عن ابن جني كلاما طويلا مؤداه أن الفعل المخفف قد يؤدي معنى الفعل المشدد "ووجهُ هذا أنّ الفِعلَ عندنا موضوعٌ على اغْتِراقِ جِنْسِه ألا ترى أنّ معْنى: قامَ زيدٌ: كان منه القِيام وقعَدَ: كان منه القُعود. والقيامُ - كما نعلم - والقُعودُ جِنسان فالفعلُ إذنْ على اغتِراقِ جنسِه يدُلُّ على ذلك عملُه عندَنا في جميع أجزاءِ ذلِك الجِنْسِ من مُفردِه ومُثنّاه ومجموعِه ونَكِرته ومَعرِفته وما كان في معْناه" (?).

• (نَقَبُوا): قراءة في قوله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي البِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} (?).

[التاج: نقب].

ذكر الزبيدي أن الأفعال: نَقَبَ، وأَنْقَبَ، ونَقَّبَ كلها بمعنى واحد: ذهب في الأرض، إلا أن ابن الأعرابي جعل (نَقَّبَ) لمن ذهب في الأرض هربا. وقد استدل الزبيدي بالقراءات الواردة في قوله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي البِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} على معناه، حيث قرئت الآية "نَقَّبُوا" (?) (فَعَّلُوا) بصيغة الماضي المشدد، وهي قراءة الجمهور، وقرئت "نَقَبُوا" (فَعَلُوا) بصيغة الماضي المخفف.

وإن كانت الأفعال مشتركة في المعنى إلا أنها مختلفة في قدر ذلك المعنى، وقد نبه الزبيدي إلى ذلك بجعله (نَقَّبَ) المضعف خاص بالهارب؛ لأنه يجد في الذهاب. قال ابن خالويه: "فنقبوا في البلاد" يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه دل بذلك على مداومة الفعل وتكراره، والحجة لمن خفف أنه أراد المرة الواحدة، وأصله التطواف في البلاد" (?).

• (وَدَعَكَ): قراءة في قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} (?). [التاج: ودع].

ساق الزبيدي الآية السابقة ليدلل على أن (وَدَّعَكَ) المشدد استخدم في معنى {وَدَعَكَ} (?) المخفف. وهذه المسألة – أعني استخدام الفعل (وَدَعَ) مخففًا –

طور بواسطة نورين ميديا © 2015