ويوافق السَّمِينُ ابن جني في معنى جعلناهم أُمَراءَ، ويخالفه في أنه رأى التشديد للتعدية فقال: "أمَّرْنَا" بالتشديد فيه وجهان، أحدهما: أنَّ التضعيفَ للتعديةِ، عدَّاه تارةً بالهمزة وأخرى بتضعيفِ العين، كأَخْرَجْته وخَرَّجته. والثاني: أنه بمعنى جعلناهم أُمَراءَ، واللازمُ من ذلك "أُمِّر". قال الفارسيُّ، "لا وجهَ لكون "أَمَّرْنَا" من الإمارة؛ لأنَّ رئاستَهم لا تكونُ إلاَّ لواحدٍ بَعْدَ واحدٍ، والإهلاكُ إنما يكون في مُدَّة واحدة". وقد رُدَّ على الفارسي: بأنَّا لا نُسَلِّم أن الأميرَ هو المَلِك حتى يَلْزَمَ ما قلت، لأنَّ الأمير عند العرب مَنْ يَأْمُرُ ويُؤْتَمَرُ به. ولَئِنْ سُلِّم ذلك لا يلزم ما قال؛ لأنَّ المُتْرَفَ إذا مَلَكَ فَفَسَق ثم آخرَ بعده فَفَسَق، ثم كذلك كَثُر الفسادُ، ونزل بهم على الآخِر مِنْ ملوكهم" (?).
) ?فَرَّقْنَاهُ): قراءة في قوله تعالى: {وَقُرْآنَاً فَرَقْنَاهُ} (?).
• (فَرَّقْنَا): قراءة في قوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ البَحْرَ} (?).
) ?فَرَقُوا): قراءة في قوله تعالى: {الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعَاً} (?).
[التاج: فرق]
في أثناء تعديد معاني الفَرْقِ استشهد الزبيدي بقوله تعالى: {وَقُرْآنَاً فَرَقْنَاهُ} على أن الفَرْقَ: هو الفصل بين الأشياء بغرض الإحكام والتبيين، وبقراءة ابن عباس وأُبَيٍّ بن كعب لنفس الآية "فَرَّقْنَاهُ" (?) مشدداً، من (فَرَّقَ) وهو أيضا فَصْلٌ ولكن بزمن، بمعنى أنزلناه مفرقا ومنجما، ليسهل على الناس العمل به.
قال السمين: والعامَّةُ "فَرَقْناه" بالتخفيف، أي: بَيَّنَا حلالَه وحرامَه، أو فَرَقْنا فيه بين الحق والباطل. وقرأ علي بن أبي طالب - كرَّم اللهُ وجهَه - وأُبَيُّ وعبدُ الله وابنُ عباس والشعبي وقتادة وحميد في آخرين بالتشديد. وفيه وجهان:
أحدُهما: أنَّ التضعيفَ فيه للتكثير، أى: فَرَّقْنا آياتِه بين أمرٍ ونهي وحِكَمٍ وأحكامٍ ومواعظ وأمثال وقصص وأخبار ماضيةٍ ومستقبلةٍ.
والثاني: أنه دالٌّ على التفريق والتنجيم.