وردت هاء السكت في القرآن الكريم في أكثر من موضع منها قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} (?)، وقوله {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (?) وقوله: {أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} (?) وقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} (?).
والقراء وإن أجمعوا على الوقف عليها بالسكون، فقد اختلفوا عليها في الوصل فمنهم من أثبتها، ومنهم من حذفها لاعتبارات عندهم. وتعد هذه الهاء طريقة في الوقف على أواخر بعض الكلم، قلما خلا مصدر من مصادر العربية من الحديث عنها (?) خاصة أنها تعلقت بالقرآن الكريم وقراءاته.
والواضح أن الزبيدي قد طالع هذا الباب عند النحاة والقراء، وأفاد منه في صناعة معجمه فيما يخصه منه. فمن المواضع التي كان لهاء السكت دور بارز في شرح المادة المعجمية عنده ما ذكره في (س ن هـ) حيث قال: "وسَنِهَ الطعام والشراب، كفَرِحَ سَنَهَاً وتَسَنَّهَ تغير، ومنه قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} (?) وقيل لم تغيره السنون. وقال الفراء لم يتغير بمرور السنين عليه. قال ثعلب: قرأها أبو جعفر وشيبة، ونافع وعاصم، بإثبات الهاء إن وصلوا أو قطعوا، وكذلك قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (?) ووافقهم أبو عمرو في: "لَمْ يَتَسَنَّهْ" (?)، وخالفهم في: "اقْتَدِهِ" (?) فكان يحذف الهاء منه في الوصل، ويثبتها في الوقف.