وجهين، أحدهما: أَنْ يكونَ أصلُها (سُئِلوا) كالعامَّةِ ثم خُفِّفَتِ الكسرةُ فسَكَنَتْ، كقولِهم في "ضَرِب" بالكسر: ضَرْب بالسكون فَسَكَنت الهمزةُ بعد ضمة فقُلِبت واواً نحو: بُوْس في بُؤْس. والثاني: أن تكونَ مِنْ لغة الواو. ونُقل عن أبي عمرو أنه قرأ "سِيْلُوا" بياءٍ ساكنةٍ بعد كسرةٍ نحو: مِيْلُوا" (?).
ومن ذلك:
• (البَرِيئَة): قراءة في قوله تعالى: {شَرُّ البَريَةِ} (?)، و {خَيْرُ البَريَةِ} (?).
[التاج: برأ]
ذكر الزبيدي أن " البَرِيَّةَ: الخَلق، والأصل فيها الهمز، ولكن العربَ قد تركت هَمزها، يدل على ذلك قراءة نافعٍ وابن ذَكْوان على الأَصلِ قوله تعالى: {شَرُّ البَريئَةِ ... خَيْرُ البَريئَةِ} (?). إلا أن الفراء يرى أن الأصل غير مهموز حيث يقول:"البرية غير مهموز، إلا أن بعض أهل الحجاز همزها كأنه أخذها من قول الله جل وعز: "برأكم"، وبرأ الخلق، ومن لم يهمزها فقد تكون من هذا المعنى. ثم اجتمعوا على ترك همزها كما اجتمعوا على: يرى وترى ونرى، وإن أخذت من البرى كانت غير مهموزة " (?).
وقد أخذ السمين هذا المعنى فوسعه فقال:"قرأ نافعٌ وابن ذَكْوان "البَريئة" بالهمزِ في الحرفَيْن، والباقون بياءٍ مشدَّدةٍ. واخْتُلِف في ذلك الهمز، فقيل: هو الأصلُ مِنْ بَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ: ابتدأه واخترعَه فهي (فعيلةٌ) بمعنى مَفْعولةٌ، وإنما خُفِّفَتْ، والتُزِمَ تخفيفُها عند عامَّةِ العربِ. وقد ذَكَرْتُ أنَّ العربَ التزمَتْ غالباً تخفيفَ ألفاظٍ منها: النبيُّ والخابيةَ والذُّرِّيَة والبَرِيَّة. وقيل: بل البَرِيَّةُ دونَ همزةِ مشتقةٌ مِنْ البَرَى، وهو الترابُ فهي أصلٌ بنفسِها، فالقراءتان مختلفتا الأصلِ متفقتا المعنى. إلاَّ أنَّ ابنَ عطيةَ غَضَّ مِنْ هذا فقال: "وهذا الاشتقاقُ يَجْعَلُ