كبير بين الفرض والواقع، ولو أن الزبيدي استند إلى هذه القراءات في بيان مذاهب العرب في همز هذه الكلمة لكان أقوى في الدلالة من كلام الفراء.
ومن باب التحقيق والتخفيف:
• (مِنْسَأَتَهُ): من قوله تعالى: {فَمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} (?). [التاج: نسأ].
ذكر الزبيدي أن (المِنْسَأَةَ) قد أَبدلوا همزها إِبْدالاً كلِّيًّا فقالوا: مِنْسَاةٌ وأصلها الهمز ولكنه بَدَلٌ لازمٌ حكاه سيبويه (?) ... وقد قُرِئَ بهما جميعاً قوله تعالى: {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} حيث قرئ: {مِنْسَاتَهُ} (?) بلا همز.
قال ابن خالويه: "الحجة لمن همز أنه أتى باللفظ على أصل الاشتقاق؛ لأن العصا سميت بذلك؛ لأن الراعي يَنْسَأُ بها الإبل عن الحوض، أي يؤخرها، والحجة لمن ترك الهمز أنه أراد التخفيف (?).
وقال السمين: المِنْسَأَةُ: العَصا اسمُ آلةٍ مِنْ نَسَأهُ أي: أخَّرَهُ كالمِكْسَحَةِ والمِكْنَسَة. وفيها الهمزةُ، وهو لغةُ تميم ... فأمَّا بالهمزةِ المفتوحةِ فهي الأصلُ؛ لأنَّ الاشتقاقَ يدلُّ ويشهد له، والفتحُ لأَجْلِ بناء مِفْعَلة كمِكْنَسَة ... وأمَّا قراءةُ الإِبدالِ فقيل: هي غيرُ قياسيةٍ، يَعْنُون أنها ليسَتْ على قياسِ تَخْفيفِها. إلاَّ أنَّ هذا مردودٌ: بأنها لغةُ الحجازِ ثابتةً، فلا يُلْتَفَتُ لمَنْ طَعَن. وقد قال أبو عمرو: - وكَفَى به - "أنا لا أَهْمِزُها، لأنِّي لا أَعْرِفُ لها اشتقاقاً، فإنْ كانَتْ مما لا يُهْمَزُ فقد أُخْطِئُ. وإن كانَتْ تُهْمَزُ فقد يجوزُ لي تَرْكُ الهمزِ فيما يُهْمَزُ" (?). وهذا الذي ذكره أبو عمرٍو أحسنُ ما يقالُ في هذا ونظائرِه" (?).