وحظي عثمان عند آل سعود حظوة عظيمة، لما رأوا من إخلاصه، وصدق رغبته في الدين، وصار من ذلك الحين من زعماء جيش التوحيد. ثم نزل عثمان ببلدة العبيلا، بين الطائف وتربة. واجتمع إليه كثير من عربان الحجاز وغيرهم. فبلغ ذلك الشريف غالبا فسار إليه بجموع كثيرة من الحجازيين والأتراك وغيرهم. وكانت بينهما موقعة هزم فيها عثمان ومن معه، ثم استنجد عثمان بمن يليه من الموحدين، فلبوا سراعا، وسار إليه جماعات كثيرة: من بيشة وقراها ورينية قراها وأهالي، تربة، وما والاها من البقوم وقحطان وعتيبة. وسار هذا الجمع الكثير إلى الطائف، وكان غالب ومن معه قد انحازوا إليها. فما كاد يبلغهم خبر هذا الجيش الكثيف، حتى فروا هاربين إلى مكة. فدخل عثمان ومن معه الطائف، وأخذ منها أموالا طائلة تركها الفارون ليتخففوا. فبعثها إلى الإمام عبد العزيز. فبعث إليه عبد العزيز يوليه على الطائف والحجاز أميرا.
223 - ثم إن الإمام سعوداً سار بجيوش كثيرة حتى نزل وادي العقيق. وكان ذلك أيام الحج، وفي مكة كثير من الحجاج، فحاول غالب ومن معه من أشراف مكة وعلمائها أن يجندوا من الحجاج جيشا يردون به سعودا، ويمنعونه من دخول الحجاز، فلم يفلح، وانصرف الحجاج إلى بلادهم. فألقي الله الرعب في قلب غالب، فخرج من مكة هاربا إلى جدة ومعه ما استطاع حمله من أمواله وذخائره ولحقه أتباعه وعساكره.
224 - وبلغ ذلك سعودا فرحل من وادي العقيق إلى مكة. ودخلوا المسجد الحرام محرمين آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين لا يخافون