أن يتسع من وراء ذلك جاهه ونفوذه، ولم يكن لأجل العقيدة الصحيحة والدين الحق الذي يدعو إليه الشيخ، فإنه لم يكن قد نفذ إلى قلبه، ولا وصل إلى قرارة نفسه.
138 - فحين جاءه كتاب سليمان طارت نفسه هلعا، وأقبل عليه الشيطان بجنده يخيفه فوات ما يؤمل من الدنيا مستقبلا، وما بيده منها حالا {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175]
139 - ورأى الشيخ من ابن معمر ذلك الخوف مجسما، فحاول أن يثنيه فقال له: "إن هذا الذي أدعوا إليه كلمة لا إله إلا الله، وأركان الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أنت تمسكت به ونصرته فإن الله سبحانه يظهرك على عدوك، فلا يزعجك سليمان، ولا يفزعك تهديده، فإني أرجو أن ترى من الظهور والتمكين والغلبة ما ستملك به بلاده وما وراءها وما دونها إن شاء الله".
14 0- فوقع ذلك من نفس عثمان، وأغضى عن تهديد سليمان، وسكت عن الشيخ، ولكنه لم يلبث أن عاوده الشيطان يثير مخاوفه، ويوسوس له بغضب سليمان، وضياع المال والرياسة من يده، فعاود الكلام مع الشيخ قائلا له: إن سليمان أمرنا بقتلك، ولا نقدر على غضبه ولا مخالفة أمره، وليس من المروءة ولا كرم الأخلاق أن نقتلك، وأنت جارنا، فشأنك ونفسك وارحل عن بلادنا، وقرن الفعل بالقول، وفأنفذ في الحال من جنده الخيالة من أخرجه من البلد قسرا، وأوعز إليهم سرا أن يقتلوه إذا هم